[مصاحف الصحابة من خلال "كتاب المصاحف" لابن أبي داود]
ـ[ايت عمران]ــــــــ[07 Dec 2010, 06:49 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد؛ فهذا بحيث بعنوان:
مصاحف الصحابة رض3
من خلال "كتاب المصاحف" لابن أبي داود رح1
أضعه بين أيديكم، لا لإفادتكم، لأنه لا يرقى لذلك، ولكن لإثارة انتباهكم إلى أهمية موضوعه، إذ إنه باب يدخل منه كثير من المغرضين للطعن في قراءات القرآن المبين، فحري بالباحثين الكرام أن يولوه اهتمامهم، ويعطوه شيئا من دروسهم وبحوثهم.
وقد جعلته في مقدمة وتمهيد وأربعة مباحث، وسأبدأ بالمباحث مباشرة:
المبحث الأول: مفهوم مصاحف الصحابة
المطلب الأول: تعريف مصاحف الصحابة:
الْمَصَاحِف في اللغة: جمع مصحَف، والمصحف اسم موضوع لما جمع من الصحف بين دفتين، فليس اسم مفعول كما قد يتبادر، لأنه يجوز في ميمه الحركات الثلاث: مُصحَف ومِصحَف، ومَصحَف، وليس اسم آلة، وإن كان مكسور الميم، لجواز الضم والفتح فيها.
قال ابن قتيبة: ((مُفْعَل ومِفْعَل بضم الميم وبكسرها، مع فتح العين فيهما: مُصْحَف ومِصْحَف، ومُغْزَل ومِغْزَل، ومُخْدَع ومِخْدَع، ومُطْرَف ومِطْرَف، ومُجْسَد ومِجْسَد. وقال الفرّاء: المُجْسَد والمِجْسَد واحدٌ، وهو من: أجْسد، أي: ألصق بالجلد، فكسر أوله بعضُهم استثقالاً للضم، وكذلك قالوا: مِصْحَف، وهو مأخوذ من: أُصْحِف، أي: جُمِعت فيه الصحف، فكَسر أوله بعضُهم استثقالاً وأصله الضم ... قال: فمن ضم الحرف من هذه جاء به على أصله، ومن كسره فلاستثقاله الضمة)) [1] ( http://tafsir.net/vb/#_edn1).
وقال ابن منظور: ((والمُصْحَفُ والمِصْحَفُ: الجامع للصُّحُف المكتوبة بين الدَّفَّتَيْنِ كأَنه أُصْحِفَ والكسر والفتح فيه لغة)) [2] ( http://tafsir.net/vb/#_edn2).
وقال أبو هلال العسكري: ((الفرق بين الكتاب والمصحف: أن الكتاب يكون ورقة واحدة ويكون جملة أوراق، والمصحف لا يكون إلا جماعة أوراق صحفت، أي: جمع بعضها إلى بعض. وأهل الحجاز يقولون: مِصحف بالكسر؛ أخرجوه مُخرج ما يُتعاطى باليد، وأهل نجد يقولون: مُصحف، وهو أجود اللغتين، وأكثر ما يقال: المصحف لمصحف القرآن)) [3] ( http://tafsir.net/vb/#_edn3).
إذا كان هذا هو معنى المصحف في اللغة فما معنى: مصاحف الصحابة؟
لقد بين ابن أبي داود ـ رحمه الله ـ مراده بذلك فقال: ((إنما قلنا: مصحف فلان، لِما خالف مصحفنا هذا من الخط أو الزيادة أو النقصان، أخذته عن أبي رحمه الله، هكذا فعل في كتاب التنزيل)) [4] ( http://tafsir.net/vb/#_edn4).
فمصاحب الصحابة: هي تلك المصاحف التي كتبها الصحابة رضوان الله عليهم، أو كتبت لهم، قبل أن يجمع عثمان رضي الله عنه الناس على مصحف واحد، وهذا يقتضي بالبديهة أن يكون فيها ما يخالف المصحف العثماني، لمكان الرخصة في قراءة القرآن على سبعة أحرف، ولأن المنزل كان محلا للنسخ، وهذه المخالفة:
ـ إما في الخط، مثل ما صح في مصحف عمر رضي الله عنه: ?الم الله لا إله إلا هو الحي القِيَّام? [5] ( http://tafsir.net/vb/#_edn5).
ـ وإما بالزيادة، مثل ما ثبت في مصحف أبي رضي الله عنه: ?فصيام ثلاثة أيام متتابعات? في كفارة اليمين [6] ( http://tafsir.net/vb/#_edn6).
ـ وإما بالنقص، مثل ما صح في مصحف ابن عباس رضي الله عنهما: ?يا حسرة العباد? [7] ( http://tafsir.net/vb/#_edn7).
المطلب الثاني: نسبة المصاحف إلى الصحابة:
وكون الصحابة كانت لهم مصاحف خاصة هذا أمر لا يشك فيه، فقد صحت بذلك نصوص كثيرة، وأكتفي بما في البخاري في قصة جمع عثمان رضي الله عنه، حيث جاء في آخر القصة: ((حَتَّى إِذَا نَسَخُوا الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ، رَدَّ عُثْمَانُ الصُّحُفَ إِلَى حَفْصَةَ، وَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ مِمَّا نَسَخُوا، وَأَمَرَ بِمَا سِوَاهُ مِنَ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ صَحِيفَةٍ، أَوْ مُصْحَفٍ، أَنْ يُحْرَقَ)) [8] ( http://tafsir.net/vb/#_edn8).
فهذا نص يدل على أنه كانت هناك مصاحف، كما يدل على أنه تم إحراقها، ولم يثبت أن أحدا امتنع من تسليم مصحفه إلا ابن مسعود رضي الله عنه، فعل ذلك في بداية الأمر ثم رجع إلى الجماعة، ورضي بما فعله الصحابة، قال ابن أبي داود:
¥