ذلكم أن مصادر بيانات الإنسان عن الواقع كان الحواس المجردة، لأنه لم يدرك (بركة الزجاج). أما منذ غاليلو 1609مـ فقد اكتشف الإنسان أن تحديب الزجاج يكبر حجوم الأشياء، وأنه يدخل الى مخ الإنسان بيانات جديدة عن الواقع.
وهذا هو السبب في احتكار الغرب لنظرية المعرفة في القرون الأربعة الأخيرة، وهو (الآلة المكبرة للحواس). وإليكم الحقائق الآتية:
1 - من آدم عليه السلام حتى غاليلو 1609مـ لم ير إنسان أقمار المشتري!!
من شكّ في ذلك فهو خارج التاريخ وخارج العلم.
2 - بناء على المجهر (الزجاج المكبر للبصر) استطاع باستير اكتشاف الجراثيم فغير تاريخ الطب وقلبه رأساً على عقب. فكل طبيب يعتمد على أطباء ما قبل باستير فهو خارج التاريخ والعلم.
3 - كان الكون عند أرسطو مكوناً من أربعة عناصر الماء والهواء والتراب والنار، ليس لأن أرسطو غبيّ، ولا تلاميذه من الفلاسفة المسيحيين والمسلمين قبل غاليلو، بل لأن مشيئة الله لم تهدهم الى (بركة تحديب الزجاج). ولذللك قال برتراند رسل:
إن لدي كتب أرسطو في الطبيعيات، وقد كانت إنجيل العلم بعد مؤلفها لمدة ألفي سنة، لكن! ليس فيها حرف واحد صحيح بمنطق العلم المعاصر.
وهنا أريد أن أخلُص مع الأخوين الكريمين- ومن خلالهما إلى الإخوة طلبة العلم- إن كون علم نظرية المعرفة بعد غاليلو بيد الغرب وجامعاته حصراً، ليس بسبب ذكائهم وغباء غيرهم، ولا بأفضليتهم على من سواهم، بل بامتلاكهم لآلات تكبير الحواس، فالمجهر الألكتروني يكبر اليوم حاسة البصر آلاف المرات!!
فالمسلم كالأخ محمد عبدالله والأخ الطعان ليس أمامه من سبيل لإتقان نظرية المعرفة والمساهمة الواعية في صنع الحياة إلا من خلال الغرب أو من اقتبس من الغرب (كاليابان وجيرانها) المنهج العلمي الذي قام على رصد علاقات كثيرة بين الأشياء واكتشاف قوانينها.
قدرُنا أن نتعلم من أعدائنا أو ننقرض.
أما أن نظل نخلط خلطاً عجيباً بين المراحل التاريخية في تاريخ العلم فنقيس عصر ما قبل غاليلو على عصر ما بعده فهذا لا يقوله أحد في العالم، إلا"الدكاترة" المسلمون.
أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه.
قال الشهرستاني:"قال أهل السنة: إنّ العقل لا يُحسّن ولا يُقبِّح ولا يقتضي ولا يوجِب، ولكنه يُعرِّف. وإن السمع (يعني القرآن والسنة) لا يُعرِّف".
ونحن ندعو الأساتذة والأمة إلى هذا القول الذي عزاه الشهرستاني الى أهل السنة، والمسلمون اليوم يسيرون باتجاه يعاكسه ويناقضه.
فلا يمكن أبداً بناء العقل على أي نصّ في الكون، العقل ليس سوى العلاقات بين الأشياء، والأشياء أكثرها فوق قدرة الحواس الطبيعية على الرصد، فنحتاج الى آلات تكبر الحواس لنجمع علاقات اكثر بين الأشياء.
لا شيء سوى ذلك. والدين كما قال أحد الدكاترة موجِّه للعقل نحو الخير.
العقل مهارات وإدراك والدين قرار وإرادة. العقل نسبيّ والدين مطلقات
والله أعلى وأعلم "
ـ[أحمد الطعان]ــــــــ[27 May 2006, 02:22 م]ـ
هناك خروج عن أصل الموضوع ومحل النزاع ...
المسلمون اليوم يعيشون تخلفاً على المستوى التقني والتكنولوجي والمادي بكل مستوياته .... هذا محل اتفاق ...
ولكن إرجاع هذا التخلف إلى كون المسلمين لا يملكون نظرية في المعرفة هو محل النزاع ...
إن تخلف المسلمين تشترك فيه عوامل كثيرة ومعقدة لا يمكن إرجاعها فقط إلى // عدم اكتشافهم للمجهر // وتحديب الزجاج // ...
ولا أدري هل بدأ الغرب من الصفر أم بدأ من حيث انتهى العرب؟ وهل كان التراكم المعرفي طوال القرون الماضية دون جدوى بالنسبة للغرب أم أن الغرب طفر طفرة إعجازية متجاوزاً كل القوانين التاريخية ...
ألم يكن روجر بيكون الذي تعلم في مدارس الأندلس وكان معجباً بكل ما هو عربي وسجن حتى الموت من أجل صلة وصل بين العرب والغرب ...
الغربيون لا ينكرون أنهم استفادوا وبنوا بناء الحضارة على قواعد وأسس عربية ... وأن ابن رشد وابن سينا وابن النفيس وابن الهيثم والرازي وجابر بن حيان والبيروني وغيرهم كانوا أساساً لبناء الحضارة المادية الأوربية حتى قال أحدهم: لو حك أحدنا جله لظهر له دم عربي .... إنهم لا ينكرون ولكن بني جلدتنا يتنكرون ....
ولكن لأن أبناء جلدتنا لم يقرؤأ تاريخهم وتراثهم بعين واعية وإنما قرؤوه بعيون الأعداء فقد أمسى كله قاتماً في أعينهم ...
إن مناهج البحث التي تعتبر لدى الباحثين أساساً لثورة العلم الحديث لم أجد فيها قاعدة واحدة أو مبدأ واحداً // وقد درستها و درّستها مقارنة // عند بيكون أو جون استوارت مل أو غيرهما لم أجد فيها شيئاً جديداً عما أفاض فيه علماء المسلمين الأصوليين والتجريبيين ...
وأتحدى أن تأتيني بقاعدة أو أصل واحد / منهجي / أقام عليه الغرب نهضته وتراثنا خلو منه ..
هناك شيء واحد لا بد أن أقوله: وهو أننا ملكنا الأصول النظرية المجدية ولكن حيل بيننا وبين العمل بها وإنزالها إلى أرض الواقع ولا تزال العوائق تتراكم إلى هذه اللحظة ... ونحتاج إلى ثورة حتى ننفض عنا غبار القرون وتراكمات السنون.
¥