تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إن حديث فقهائنا من السادة الأحناف أو من غيرهم عن دار الحرب وعن جواز التعامل فيها بالعقود الفاسدة يجب أن يؤخذ في سياقاته الاجتماعية والسياسية والتاريخية، فلم يكن أهل الإسلام فيما مضى يتوطنون دار الحرب بصورة دائمة، وينشئون فيها مراكزهم ومؤسساتهم الإسلامية، ويتاح لهم فيها من حرية الدعوة وحرية العمل وحرية الكلمة ما هو متاح لجالياتنا المسلمة المقيمة في الغرب، والتي يفوق تعداد بعضها عدد السكان الأصليين من بعض دول الخليج وإماراته! ويتحدثون فيها عن قضية توطين الدعوة وتحويلها من دعوة مهاجرة يحملها طلاب وافدون يقيمون فيها بصورة عارضة إلى متوطنين أصليين يحملون جنسية هذه المجتمعات ويوطنون لإقامتهم فيها بصورة نهائية أو شبه نهائية؟!! وفي إطار هذه النظرة تغير موقف فقهائنا من قضية التجنس فلم تعد تحمل ما كانت تحمله من دلالات أدت ببعض أهل الفتوى إلى القول بردة المتجنس عن الإسلام في وقت من الأوقات!

لقد كان فقهاؤنا فيما مضى يتحدثون عن حرمة السفر بالمصحف إلى ديار الكفار وكانوا مصيبين في ذلك غاية الإصابة في ظل السياقات التاريخية والسياسية السائدة يومئذ، واليوم نفس هؤلاء الفقهاء يتنافسون في حث الأمة على طباعة المصاحف وترجمة معانيها ونقلها إلى هذه البلاد، ويعتبرونها قربة من أجل القربات، وهم اليوم مصيبون في ذلك أيضا غاية الإصابة، لتغير الفتوى بتغير الزمان والمكان والظروف والأحوال.

كيف يتأتى المحافظة على الهوية الإسلامية مع تبني هذا المذهب؟

أن فتح هذا الباب سيفتح بابا عريضا واسعا إلى خلع الربقة والتفلت من التكاليف، فسوف يمتد الأمر إلى الربا والميسر، وفي الولايات المتحدة ولاية يقوم اقتصادها كله على الميسر، ويؤمها المترفون والذين في قلوبهم مرض من بني جلدتنا وفضائحهم في هذا الشأن باتت تزكم الأنوف! وقد يتدرج الناس من استباحة العقود الفاسدة في باب الأموال إلى استباحتها في باب الأبضاع! ألم تر إلى ما يشيع في هذه المجتمعات من المراقص والأندية الليلية، وهي مشروعة من الناحية القانونية وتتم تحت سمع وبصر المسئولين في هذه المجتمعات، فهل على المسلم من حرج إن هو عمل في هذه البارات والمراقص باعتبارها من العقود الفاسدة التي أجازها السادة الأحناف ليتذرع بها إلى اخذ أموالهم التي هي بناء على تخريجهم على أصل الحل؟ وهل يجرؤ على القول بذلك عالم أو غير عالم؟

وإذا أبيح الأمر أبيحت الوسائل المفضية إليه فإذا جاز بيع الخمر ولحم الخنزير جاز السعي إلى تملكها لبيعها فلا حرج على المسلم أن يتملك مزرعة لتربية الخنزير أو مصنعا لإنتاج الخمور فإنه إن فعل كان هذا أحظى له في باب المال، فمن مزارعه أو من مصانعه إلى المستهلك مباشرة! وذلك أحظ له وأكثر استجلابا لأموالهم التي هي على أصل الحل! بل لا حرج في فتح بعض المؤسسات التعليمية لتعليم أصول الميسر رجاء أن يتخرج فيها مقامرون محترفون يجيدون فنون هذه اللعبة ويتمكنون معها من استجلاب أموال القوم، ما دامت على اصل الحل، وما دامت الذريعة إلى الحلال حلالا؟ لأن الأصول التي أجازت بيع الخمر والخنزير لغير المسلمين قد يعول عليها نفسها في إجازة السعي إلى امتلاك مشروعات اقتصادية تستثمر في هذا المجال بجامع استجلاب أموال القوم التي هي ابتداء على أصل الحل!

ومن ثم فلا أحسب عالما منصفا يقر مثل هذا المسلك الفقهي في ظل كل هذه المتغيرات في واقعنا المعاصر مهما كان حظ هذا المذهب من النظر؟

تعقيب على فتوى دار الإفتاء المصرية

أما ما نسب إلى صاحب الفضيلة مفتي الديار المصرية من القول بالترخص في ذلك لمن سأله فقد وردت إلى أمانة المجمع أسئلة عديدة حول هذه الفتوى، ولم تحصل أمانة المجمع على أصل الفتوى الرسمية التي صدرت عن دار الإفتاء وإنما حصلت على صورة لها من خلال بعض المواقع الإسلامية على الانترنت فإن صحت نسبتها إلى فضيلته ونوجز تعقيبنا عليها فيما يلي:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير