والإمام ابن القاسم وأشهب وسحنون وأسد بن الفرات وأصبغ وابن عبد البر والقاضي عياض وابن العربي وأبو بكر الطرطوشي وابن الحاجب وابن المنير وابن رشد والباقلاني والباجي والقرطبي والقرافي والشاطبي وابن خلدون وألوفٌ ممن ضمتهم كتب التراجم الخاصة بطبقات المالكية، هم على مذهب الإمام مالك رحمه الله، ولك أن تقول إن كل أو معظم علماء بلاد المغرب من القرن الثالث الهجري وإلى يومنا هذا مالكية.
من أعلام المذهب الشافعي:
والإمام المزني والبويطي وابن المنذر ومحمد بن جرير الطبري وابن سريج وابن خزيمة والقفال والبيهقي والخطابي وأبو إسحاق الإسفرايني وأبو إسحاق الشيرازي والماوردي وأبو الطيب الصعلوكي وأبو بكر الإسماعلي وإمام الحرمين الجويني وحجة الإسلام الغزالي والبغوي والرافعي وأبو شامة وابن الرفعة وابن الصلاح والنووي وابن دقيق العيد والمزي وتقي الدين السبكي والذهبي والعراقي والزركشي وابن حجر العسقلاني والسيوطي وزكريا الأنصاري وألوفٌ غيرهم ممن عجزت الكتب أن تستوعب أسماءهم، كلهم شافعية، والذين في كتاب طبقات الشافعية فقط ألف وأربع مائة وتسعة عشر إماماً شافعياً.
من أعلام المذهب الحنبلي:
والآجري وأبو الخطاب الكلوذاني وأبو بكر النجار وأبو يعلى والأثرم وابن أبي موسى وابن الصيرفي وابن هبيرة وابن الجوزي وابن تيمية وابن رجب وابن رزين وغيرهم كثير، والذين في المقصد الأرشد فقط ألف وثلاث مائة وخمسة عشر إماماً حنبلياً.
وقد أطبقت أمة الإسلام قرناً بعد قرن، وأمةً بعد أمة على تقليد أئمة الاجتهاد، وليس في هذا تعصب ولا تحزُّبٌ، بل كانت أخوة الدين تجمعهم، وحِلَقٌ العلم تضمهم، يتعلم بعضهم من بعض، ويثني بعضهم على بعض، ولا تكاد تطالع ترجمة إمام حنفي أو مالكي أو شافعي أو حنبلي إلا وتجد أنه قد تتلمذ ودرس على علماء غير مذهبه.
فإذا كان مجردُ سَيْرِ المسلم على مذهبٍ، يُعَدُّ تعصباً، فهو تعصبٌ محمود لا مذموم.
قال العلامة الشيخ سعيد حوى في كتابه النافع "جولات في الفقهين الكبير والأكبر وأصولهما" (ص119): وأما التعصب لهم – أئمة الاجتهاد – أو لمذاهبهم فنقول فيه:
التعصب المذهبي إن كان كأثر عن قناعة مطلقة في قضية بأنها الحق، وبالتالي أن يتمسك بها صاحبها قولاً وعملاً، ويدافع عنها بمنطق الحق والعدل، لا بمنطق الهوى، وبمنطق الإخلاص لا بدافع دنيوي، وبروح الأخوة الإسلامية لا بروح الفرقة الكافرة، فذلك لا حرج فيه، بل ذلك الذي عليه الصحابة، ولكن أن يضيِّق الإنسان واسعاً؛ بأن يسفه من ليس على رأيه، ويضللهم، ويجهلهم في قضيةٍ للاجتهاد فيها محل، فذلك الخطأ كل الخطأ، فإن الشافعي قال: أجمع العلماء على أن الله لا يعذب فيما اختلف فيه العلماء.
والتعصب للمذهب كأثر من آثار الثقةِ بعلمائه، وقواعده في الاستنباط، وكأثر من آثار الثقة بهذه الأمة التي أجمعت خلال العصور على احترام المذاهب الأربعة، واحترام أئمتها، هذا التعصب الذي لا يرافقه كراهية لمذهب آخر، ولا سوء أدبٍ معه، بل الاحترام والتقدير، لا حرج فيه.
وأن يأخذ الإنسان بوجهة نظر لغير مذهبه كأثر من آثار تحقيقه هو، أو تحقيق من يثق به، فهذا كذلك لا حرج فيه. اهـ
وأما التعصب المذموم فهو أن يعتقد المسلم أن المذهب الذي سلكه هو المذهب الحق، وأن المذاهب الأخرى باطلة، وهذا التعصب هو الذي ذمه العلماء من المذاهب الأربعة كلها، وقرروا أن المذاهب السُّنيَّة الأربعة كلها على هدى.
فهذا إمام الشافعية في القرن العاشر العلامة ابن حجر الهيتمي رحمه الله يقول كما في الفتوى الفقهية الكبرى (4/ 326): الشافعي وأبو حنيفة ومالك وأحمد وسائر أئمة المسلمين على هدى من ربهم، فجزاهم الله تعالى عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء وأكمله، وحشرنا في زمرتهم. وإذا كانوا كلهم على هدى من الله سبحانه وتعالى، فلا حرج على من أرشد غيره إلى التمسك بأي مذهب من المذاهب الأربعة وإن خالف مذهبه واعتقاده، لأنه أرشده إلى حق وهدى. اهـ
ـ[سيف بن علي العصري]ــــــــ[27 Jun 2006, 08:18 م]ـ
المقدمة الرابعة: لماذا انحصر التقليد في المذاهب الأربعة.
¥