ـ[الطبيب]ــــــــ[23 Aug 2006, 12:04 ص]ـ
علامات صحة القلب
جاء في الدرر السنيّة نظم علامات صحة القلب التي ذكرها ابن القيم رحمه الله في إغاثة اللهفان، والنظم للشيخ سلمان بن سحمان رحمه الله تعالى، من علماء القصيم:
بحمد الله نبدأ في المقال = وذكر الله في كل الفعال
فذكر الله يجلو كل هم = عن القلب السليم على التوال
فللقلب السليم إذا تزكى = علامات هنالك للكمال
علامات لصحة كل قلب = سليم عن مداخلة الضلال
علامة صحة القلب ذكره = لذي العرش المقدس ذي الجلال
وخدمة ربنا في كل حال = بلا عجز هنالك أو ملال
ولا يأنس بغير الله طرا = سوى من قد يدل إلى المعال
ويذكر ربه سرا وجهرا = ويدمن ذكره في كل حال
ومنها وهو ثانيها إذا ما = يفوت الورد يوما لاشتغال
فيألم للفوات أشد مما = يفوت على الحريص من الفضال
ومنها شحه بالوقت يمضي = ضياعا كالشحيح ببذل مال
وأيضاً من علامته اهتمام = بهم واحد غير انتحال
فيصرف همه لله صرفاً= ويترك ما سواه من المقال
وأيضاً من علامته إذا ما= دنى وقت الصلاة لذي الجلال
وأحرم داخلاً فيها بقلب = منيب خاضع في كل حال
تناآى همه والغم عنه = بدنيا تضمحل إلى زوال
ووافى راحة وسرور قلب= وقرة عينه ونعيم بال
ويشق الخروج عليه منها= فيرغب جاهداً في الإبتهال
وأيضاً من علامته اهتمام = بتصحيح المقالة والفعال
وأعمال ونيات وقصد= على الإخلاص يحرص بالكمال
أشد تحرصاً وأشدهم= من الأعمال ثمت لا يبال
بتفريط المقصر ثم فيها = وإفراط وتشديد لغال
وتصحيح النصيحة غير غش = يمازج صفوها يوماً بحال
ويحرص في اتباع النص جهداً= مع الإحسان في كل الفعال
ولا يصغي لغير النص طراً= ولا يعبأ بآراء الرجال
فست مشاهد للقلب منها= علامات عن الداء العضال
ويشهد منة الرحمن يوماً= بما أسدى عليه من الفضال
ويشهد منه تقصيراً وعجزاً= بحق الله في كل الخلال
فقلب ليس يشهدها سقيم= ومنكوس لفعل الخير قال
ـ[الطبيب]ــــــــ[31 Aug 2006, 02:59 م]ـ
زهادة اللذات وفناءها
قال ابن القيم رحمه الله في روضة المحبين:
وإن من أيام اللذات لو صفت للعبد من أول عمره إلى آخره لكانت كسحابة صيف تتقشع عن قليل، وخيال طيف ما استتم الزيارة حتى آذن بالرحيل، قال الله تعالى: ? أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون ?.
ومن ظفر بمأموله من ثواب الله، فكأنه لم يوتر من دهره بما كان يحاذره ويخشاه، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتمثل بهذا البيت من الشعر:
كأنك لم توتر من الدهر مرة=إذا أنت أدركت الذي أنت طالبه
ـ[الطبيب]ــــــــ[31 Aug 2006, 03:04 م]ـ
زيارة القبور
قال القرطبي رحمه الله في التذكرة:
فصل
قال العلماء رحمة الله عليهم: ليس للقلوب أنفع من زيارة القبور و خاصة إن كانت قاسية فعلى أصحابها أن يعالجوها بأربعة أمور:
أحدها: الإقلاع عما هي عليه بحضور مجالس العلم بالوعظ و التذكر، و التخويف و الترغيب، و أخبار الصالحين. فإن ذلك مما يلين القلوب و ينجع فيها.
الثاني: ذكر الموت من ذكر هادم اللذات و مفرق الجماعات و ميتم البنين و البنات كما تقدم في الباب قبل، يروى أن امرأة شكت إلى عائشة رضي الله عنها قساوة قلبها. فقالت لها: أكثري من ذكر الموت يرق قلبك. ففعلت ذلك فرق قلبها. فجاءت تشكر عائشة رضي الله عنها. قال العلماء: تذكر الموت يردع عن المعاصي، و يلين القلب القاسي، و يذهب الفرح بالدنيا و يهون المصائب فيها.
الثالث: مشاهدة المحتضرين، فإن في النظر إلى الميت و مشاهدة سكراته، و نزعاته، و تأمل صورته بعد مماته، ما يقطع عن النفوس لذاتها، و يطرد عن القلوب مسراتها، و يمنع الأجفان من النوم، و الأبدان من الراحة، ويبعث على العمل، و يزيد في الاجتهاد و التعب.
يروى أن الحسن البصري دخل على مريض يعوده فوجده في سكرات الموت فنظر إلى كربه، و شدة ما نزل به، فرجع إلى أهله، بغير اللون الذي خرج به من عندهم فقالوا له: الطعام يرحمك الله فقال: يا أهلاه عليكم بطعامكم و شرابكم. فو الله لقد رأيت مصرعاً لا أزال أعمل له حتى ألقاه.
فهذه ثلاثة أمور ينبغي لمن قسا قلبه، و لزمه ذنبه، أن يستعين بها على دواء دائه، و يستصرخ بها على فتن الشيطان و إغوائه، فإن انتفع بها فذاك، و إن عظم عليه ران القلب، و استحكمت فيه دواعي الذنب، فزيارة قبور الموتى تبلغ في دفع ذلك مالا يبلغه الأول، و الثاني، و الثالث. و لذلك قال عليه السلام زوروا القبور فإنها تذكر الموت و الآخرة، و تزهد في الدنيا.
فالأول: سماع بالأذن، و الثاني: إخبار للقلب بما إليه المصير، و قائم له مقام التخويف و التحذير في مشاهدة من احتضر، و زيارة قبر من مات من المسلمين معاينة، فلذلك كانا أبلغ من الأول و الثاني.
قال صلى الله عليه و سلم: ليس الخبر كالمعاينة رواه ابن عباس و لم يروه أحد غيره؛ إلا أن الاعتبار بحال المحتضرين غير ممكن في كل الأوقات. و قد لا يتفق لمن أراد علاج قلبه في ساعة من الساعات، و أما زيارة القبور: فوجودها أسرع، و الانتفاع بها أليق و أجدر، فينبغي لمن عزم على الزيارة أن يتأدب بآدابها، و يحضر قلبه في إتيانها، و لا يكون حظه منها الطواف على الأجداث فقط، فإن هذه حالة تشاركه فيها بهيمة و نعوذ بالله من ذلك، بل يقصد بزيارته وجه الله تعالى، و إصلاح فساد قلبه.
¥