ـ[الطبيب]ــــــــ[09 Nov 2006, 10:35 م]ـ
ساعة الاحتضار
قال القرطبي رحمه الله في التذكرة:
فمثل نفسك يا مغرور و قد حلت بك السكرات، و نزل بك الأنين و الغمرات، فمن قائل يقول: إن فلاناً قد أوصى، و ماله قد أحصى، و من قائل يقول: إن فلاناً ثقل لسانه، فلا يعرف جيرانه، و لا يكلم إخوانه، فكأني أنظر إليك تسمع الخطاب، و لا تقدر على رد الجواب، ثم تبكي ابنتك و هي كالأسيرة ...
و تتضرع و تقول: حبيبي أبي من ليتمي من بعدك؟؟
و من لحاجتي؟؟
و أنت و الله تسمع الكلام و لا تقدر على رد الجواب ...
و أنشدوا: و أقبلت الصغرى تمرغ خدها=على وجنتي حيناً و حيناً على صدري
و تخمش خديها و تبكي بحرقة=تنادي: أبي إني غلبت على الصبر
حبيبي أبي من لليتامى تركتهم=كأفراخ زغب في بعيد من الوكر؟
فخيل لنفسك يا ابن آدم إذا أخذت من فراشك، إلى لوح مغتسلك فغسلك الغاسل، و ألبست الأكفان، و أوحش منك الأهل و الجيران، و بكت عليك الأصحاب و الإخوان ...
و قال الغاسل أين زوجة فلان؟
و أين اليتامى ترككم أبوكم فما ترونه بعد هذا اليوم أبداً؟
و أنشدوا: ألا أيها المغرور ما لك تلعب= تؤمل آمالاً و موتك أقرب
و تعلم أن الحرص بحر مبعد=سفينته الدنيا فإياك تعطب
و تعلم أن الموت ينقض مسرعاً=عليك يقينا طعمه ليس يعذب
كأنك توصي و اليتامى تراهم=و أمهم الثكلى تنوح و تندب
تغص بحزن ثم تلطم وجهها=يراها رجال بعد ما هي تحجب
و أقبل بالأكفان نحوك قاصد=و يحثى عليك الترب و العين تسكب
ـ[الطبيب]ــــــــ[09 Nov 2006, 10:38 م]ـ
امتناع صفاء التوحيد للمصر على المعصية
قال ابن القيّم رحمه الله في المدارج:
ينبغي أن يعلم ارتباط إيمان القلوب بأعمال الجوارح وتعلقها بها، وإلا لم يفهم مراد الرسول، ويقع الخلط والتخبيط.
فاعلم أن النفي العام للشرك أن لا يشرك بالله شيئا ألبتة لا يصدر من مصر على معصية أبدا، ولا يمكن مدمن الكبيرة والمصر على الصغيرة أن يصفو له التوحيد حتى لا يشرك بالله شيئا، هذا من أعظم المحال!!
ولا يلتفت إليَّ جدليٌّ لاحظ له من أعمال القلوب بل قلبه كالحجر أو أقسى يقول: وما المانع .. وما وجه الإحالة .. ولو فرض ذلك واقعا لم يلزم منه محال لذاته ...
فدع هذا القلب المفتون بجدله وجهله، واعلم أن الإصرار على المعصية يوجب من خوف القلب من غير الله، ورجائه لغير الله، وحبه لغير الله، وذله لغير الله، وتوكله على غير الله، ما يصير به منغمسا في بحار الشرك!!
والحاكم في هذا ما يعلمه الإنسان من نفسه إن كان له عقل، فإن ذل المعصية لا بد أن يقوم بالقلب فيورثه خوفا من غير الله تعالى وذلك شرك، ويورثه محبة لغير الله واستعانة بغيره في الأسباب التي توصله إلى غرضه فيكون عمله لا بالله ولا لله وهذا حقيقة الشرك.
نعم قد يكون معه توحيد أبي جهل وعباد الأصنام، وهو توحيد الربوبية وهو الاعتراف بأنه لا خالق إلا الله ولو أنجى هذا التوحيد وحده لأنجى عباد الأصنام، والشأن في توحيد الإلهية الذي هو الفارق بين المشركين والموحدين.
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[16 Dec 2006, 09:51 م]ـ
نفعنا الله وإياك ـ أخي الطبيب ـ بما نقلت وذكرت ...
جزاك الله عنا خيرا .. ما أحوجنا إلى هذه السياط والمواعظ .. ففي القلب قسوة،وفي العين قحط،وفي البدن كسل،وللنفس حظ .. نعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.
ـ[عبدالله المعيدي]ــــــــ[25 Dec 2006, 04:11 ص]ـ
شكرالله لك و جعله الله في ميزان أعمالك ..
و ما أحوجنا إلى هذه السياط والمواعظ .. ففي القلب قسوة،وفي العين قحط،وفي البدن كسل،وللنفس حظ .. نعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.
ـ[الطبيب]ــــــــ[08 Jan 2007, 11:22 م]ـ
كسر العبد بالذنوب من أجل أن يعود
قال ابن القيّم رحمه الله في المدارج:
فإذا أراد الله بهذا العبد خيراً ألقاه في ذنب يكسره به ويعرفه قدره ويكفي به عباده شره وينكس به رأسه ويستخرج به منه داء العجب والكبر والمنة عليه وعلى عباده، فيكون هذا الذنب أنفع لهذا من طاعات كثيرة ويكون بمنزلة شرب الدواء ليستخرج به الداء العضال كما قيل بلسان الحال في قصة آدم وخروجه من الجنة بذنبه:
يا آدم لا تجزع من كأس زلل كانت سبب كَيسك فقد استخرج بها منك داء لا يصلح أن تجاورنا به وألبست بها حلة العبودية ..
¥