ـ[الطبيب]ــــــــ[04 Mar 2007, 10:53 ص]ـ
خوف المقربين
قال ابن حجر رحمه الله في الفتح:
وكلما كان العبد أقرب إلى ربه كان أشد له خشية ممن دونه، وقد وصف الله تعالى الملائكة بقوله ? يخافون ربهم من فوقهم ?، والأنبياء بقوله ? الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله ?، وإنما كان خوف المقربين أشد لأنهم يطالبون بما لا يطالب به غيرهم فيراعون تلك المنزلة، ولأن الواجب لله منه الشكر على المنزلة فيضاعف بالنسبة لعلو تلك المنزلة، فالعبد إن كان مستقيما فخوفه من سوء العاقبة لقوله تعالى: ? يحول بين المرء وقلبه ? أو نقصان الدرجة بالنسبة، وإن كان مائلا فخوفه من سوء فعله. وينفعه ذلك مع الندم والإقلاع، فإن الخوف ينشأ من معرفة قبح الجناية والتصديق بالوعيد عليها، وأن يحرم التوبة، أو لا يكون ممن شاء الله أن يغفر له، فهو مشفق من ذنبه طالب من ربه أن يدخله فيمن يغفر له.
ـ[الطبيب]ــــــــ[04 Mar 2007, 10:56 ص]ـ
علل القلب والنفس
قال ابن القيّم رحمه الله في المدارج:
فلا إله إلا الله كم فى النفوس من علل وأغراض وحظوظ تمنع الأعمال أن تكون لله خالصة وأن تصل إليه!
وإنّ العبد ليعمل العمل حيث لا يراه بشر ألبتة وهو غير خالص لله!!
ويعمل العمل والعيون قد استدارت عليه نطاقا وهو خالص لوجه الله!!
ولا يميز هذا إلا أهل البصائر وأطباء القلوب العالمون بأدوائها وعللها، فبين العمل وبين القلب مسافة وفى تلك المسافة قطاع تمنع وصول العمل إلى القلب فيكون الرجل كثير العمل وما وصل منه إلى قلبه محبة ولا خوف ولا رجاء ولا زهد في الدنيا، ولا رغبة في الآخرة ولا نور يفرق به بين أولياء الله وأعدائه وبين الحق والباطل ولا قوة في أمره، فلو وصل أثر الأعمال إلى قلبه لاستنار وأشرق ورأى الحق والباطل وميز بين أولياء الله وأعدائه، وأوجب له ذلك المزيد من الأحوال.
ثم بين القلب وبين الرب مسافة، وعليها قطاع تمنع وصول العمل إليه من كبر وإعجاب وإدلال ورؤية العمل ونسيان المنة، وعلل خفية لو استقصى فى طلبها لرأى العجب ومن رحمة الله تعالى سترها على أكثر العمال إذ لو رأوها وعاينوها لوقعوا فيما هو أشد منها من اليأس والقنوط والاستحسار وترك العمل وخمود العزم وفتور الهمة.
ـ[الطبيب]ــــــــ[04 Mar 2007, 11:08 ص]ـ
وصف المنافقين (1)
قال ابن القيم رحمه الله في المدارج:
فلله كم من معقل للإسلام قد هدموه!
وكم من حصن له قد قلعوا أساسه وخربوه!
وكم من علم له قد طمسوه!
وكم من لواء له مرفوع قد وضعوه!
وكم ضربوا بمعاول الشبه فى أصول غراسه ليقلعوها!
وكم عموا عيون موارده بآرائهم ليدفنوها ويقطعوها!
فلا يزال الإسلام وأهله منهم فى محنة وبلية، ولا يزال يطرقه من شبههم سرية بعد سرية، ويزعمون أنهم بذلك مصلحون ? ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ? [البقره: 12]، ? يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون ? [الصف: 8].
اتفقوا على مفارقة الوحي فهم على ترك الاهتداء به مجتمعون، ? وتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون ? [المؤمنون: 53]، ? يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ? [الأنعام: 112] ولأجل ذلك ? اتخذوا هذا القرآن مهجورا ? [الفرقان: 30].
درست معالم الإيمان في قلوبهم فليسوا يعرفونها، ودثرت معاهده عندهم فليسوا يعمرونها، وأفلت كواكبه النيرة من قلوبهم فليسوا يحيونها، وكسفت شمسه عند اجتماع ظلم آرائهم وأفكارهم فليسوا يبصرونها.
لم يقبلوا هدى الله الذي أرسل به رسوله ولم يرفعوا به رأسا، ولم يروا بالإعراض عنه إلى آرائهم وأفكارهم بأسا، خلعوا نصوص الوحي عن سلطنة الحقيقة وعزلوها عن ولاية اليقين، وشنوا عليها غارات التأويلات الباطلة فلا يزال يخرج عليها منهم كمين بعد كمين.
نزلت عليهم نزول الضيف على أقوام لئام فقايلوها بغير ما ينبغي لها من القبول والإكرام وتلقوها من بعيد ولكن بالدفع فى الصدور منها والأعجاز، وقالوا: ما لك عندنا من عبور وإن كان لا بد فعلى سبيل الاجتياز
¥