فتح الله عليك يا شيخنا منصور وهذا يعلم الله هو المقصد الأكبر والأول من كتابة هذه "الظرف والطرف والفكاهات " عند العلماء للتسلية بالحلال وأخذ الفوائد التربوية وغيرها منها0
ـ[الجكني]ــــــــ[25 Oct 2006, 03:53 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
كنت وعدت سابقاً أن هذا الحديث اليوم سيكون عن:ابن هشام وابن ذكوان،لكن فضلت أن يكون بين
تاج الدين السبكي و جمال الدين ابن هشام:
قال السبكي رحمه الله في ترجمة الإمام المزي (طبقات الشافعية الكبرى:10/ 429:
"وقد قرأ عليه –المزي- شهاب الدين ابن المرحل النحوي،أستاذ صاحبنا الشيخ جمال الدين عبد الله بن هشام في النحو،كتاب "سيرة ابن هشام" فمرّت به لفظة (رشد) فجرى على لسانه: رشِد،بكسر الشين، فرد عليه الشيخ:رشد، بالفتح، وقال له: قال الله تعالى"لعلهم يرشدون" بضم الشين،ولم يزد، وكان من عادته الإشارة دون تطويل العبارة،ومراده أن (يفعُل) إنما يكون مضارعاً ل (فعِل) ولا قائل به هنا،أو لفعَل، وهو المدعّى،قال له ابن المرحل: وكذا قال تعالى:" فأولئك تحروا رشدا" فسكت الشيخ،وظن ابن المرحل،كما نقلته من خط تلميذه ابن هشام عنه،أن الشيخ لم يفهم توجيه السؤال في (رشداً) على (رشِد) 0
قلت – السبكي-:وشيخنا أيضاً عندنا أعظم من ذلك،ولكن رأى ما ذكره (مختلاًّ) فسكت عليه،وكان لا يرى توسيع العبارة،وغالب مجالسه السكوت0
قال ابن هشام:ورأيت في "كتاب سيبويه" رشِد يرشَد رشداً،مثل: سخط يسخط سخطاً،وهذا عين ما ذكره شيخنا ابن المرحل،فلله دره،قد جاء السماع على وفق قياسه 0انتهى0
قلت –السبكي-: لا يغنيه هذا السماع الغريب،ولا القياس في قراءة كتب الحديث،فإنها إنما تقرأ على جادّة اللغة وكما وقعت الرواية به، والرواية لم تقع إلا على ما قاله شيخنا وهو مشهور اللغة 0انتهت القصة 0
لا أعلم في هذه اللحظة تعليقاً على ذا الموقف بين هذين العالمين سوى ما قالته العرب:"كل فتاة بأبيها معجَبة"0
ـ[منصور مهران]ــــــــ[25 Oct 2006, 11:12 ص]ـ
في خبر المِزي مع ابن المُرَحِّل شاهد لتثبت المحدثين وضبطهم للغة الحديث، وبه يُرَدّ على الذين توقفوا عن الاستشهاد بالحديث في اللغة والنحو بأن المحدثين نقلوا الحديث بأمانة وضبط، وليست إجازة رواية الحديث بالمعنى مطلقة بل جاءت في أضيق حدود.
ـ[الجكني]ــــــــ[13 Nov 2006, 07:07 م]ـ
قصة اليوم تدور حول شاهد نحوي مشهور وهو قول ثروان بن فزارة رضي الله عنه:
فإنك لا تبالي بعد حول000أظبي (كان) أمك أم حمار
والنحويون يستشهدون به على أن الضمير المستتر في كان "نكرة" لأنه عاد على نكرة غير مختصة بشيء وهو "ظبي" 0
والطرافة في البيت هي مخالفة أبي محمد الأسود الأعرابي الغندجاني جميع –إن لم يكن كل –الرواة في روايتهم للبيت واختياره رواية شيخه أبي الندى،ولم أجد ممن نقل كلامه وعقب عليه غير البغدادي في "الخزانة" ولو لم يصرح أبو محمد ب"الطرافة" في روايته لما ذكرتها،لاختلاف المقاييس في زمننا هذا عن زمنه في الحكم على بعض الأشياء هل هي في إطار " المجون " المقبول،أو إطار "الفحش " المرفوض،وعلى كل سأنقل كلامه وروايته والعهدة عليه، وأحذف ما هو من قبيل "الفحش"في عصرنا،وإن لم يكن كذلك عند الأقدمين بدليل تسطيرهم له في كتبهم ومناقشتهم له،وهذه قضية قابلة للنقاش بين الأدباء بمفهوم ومقاييس "الأدب " لا بمقياس "قلة الأدب":
قال رحمه الله: كيف يكون الحمار والظبي أُمّين وهما أذكر الحيوان،حتى إن المثل يضرب بالحمار 000قال:والصواب ما أنشده أبو الندى رحمه الله:أظبي (00) أمك أم حمار،وإنما قلبت اللفظة "تحرجاً فيما أرى،ثم استشهد به النحويون على ظاهره،وهذه قطعة طريفة،أكتبناها أبو الندى انتهى،ثم ذكر أبيات القصيدة التي منها البيت 0:فرحة الأديب:53
والرواية التي عناها أبو الندى هي في كلمة (كان) حيث إن صحة روايتها- عنده - أنها مقلوبة أي بالنون ثم الألف ثم الكاف 0
والعجب أن الشيخ محمد الأمير الأزهري رحمه الله في "حاشيته " على "مغني اللبيب " ذكر كلام الغندجاني ولم يتعقبه وكأنه رضي به وسلمه،عكس ما كان عند الشيخ البغدادي في خزانته حيث اعترض على هذا التفسير بقوله:
"أقول: يدفع ما توقف فيه بأن "أم "هنا معناه "الأصل " وهذا معنى شائع لا ينبغي العدول عنه،فإن الأم في اللغة تطلق على أصل كل شيء سواء كان في الحيوان أو في غيره وقال الأعلم:وصف في البيت تغير الزمان واطراح مراعاة الأنساب،فيقول: لا تبالي بعد قيامك بنفسك واستغنائك عن أبويك،من انتسبت إليه من شريف أو وضيع،وضرب المثل بالظبي والحمار،وجعلهما أُمّين،وهما ذكران لأنه مثل لا حقيقة،وقصد قصْد الجنسين ولم يحقق أبوة،وذكر الحول لذِكر الظبي والحمار لأنهما يستغنيان بأنفسهما بعد الحول،فضرب المثل بذِكره للإنسان لما أراد من استغنائه بنفسه0 (الخزانة:7/ 193 - 194)
فيا ترى:أيهما المقدّم: الرواية أم الورع؟؟؟
¥