تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قطعته المتقدمة في دار الكتب، وعَدّ ما يُدْرَسُ فيها من العلوم النافعة: إلى أصول إلى فقه إلى سَنَن

من التصوف لم يوصف بإنكار

وقد حرر الشيخ بابه مسائل مهمة جدا مما يتعلق بالعقيدة والقراءة والفروع، كانت مثار جدل في القديم والحديث، ونظم في بعضها أنظاما كتب عليها أنقالا محررة مُتَنَزِّلَةً على محل النزاع، حازّةًً في المفصل، مَعْزُوة لمصادرها من الكتب المعتمدة عند الجميع، فكانت تلك الأنقال كالشروح لها تبيينا وتوثيقا.

5. موقفه من المتشابه: منها مسألة التفويض والتأويل في المتشابه من آيات الصفات وأحاديثها. ولا يخفي أن الكل متفقون أن الله جل وعلا منزه عن سمات الحدوث، وأنه ليس كمثله شيء، وقد وردت آيات وأحاديثُ توهم التشبيه مما عُلِمَ مدلوله لغة وجُهِلَ كيفية اتصافه به جل وعلا. فقد اشتهر فيه مذهبان: مذهب السلف وهو إمْرَارُهُ كما ورد، والتفويض فيه إلى الله أي بأن نؤمن به على مراد الله تعالى مع تنزيهه جل وعلا عن مشابهة المخلوقات. وهذا هو مذهب الصحابة والتابعين ومن بعدهم من القرون الفاضلة، وعلى ذلك المحققون من الخَلَفِ. إذ لم يكلفنا الله تعالى بمعرفة مراده منه، ولو كان واجبا لبَيَّنَهُ النبي صلى الله عليه وسلم كما بَيَّنَ غيرَهُ، ولسأله عنه الصحابة كما سألوه عن غيره. ومذهب الخلف أي بعضِِهِم تأويله بلائق به جل وعلا ويقولون إن السكوت عنه مُوهم للعوام وتُنْبِيهٌ للجهلة مع عدم إنكارهم للتفويض، واعترافهم أنه أسلم. والتأويل هو مذهبُ أبي الحسن الأشعري الوسطُ بعد خروجه عن مذهب الاعتزال. والأول هو مذهبه الأخير الذي رجع إليه في آخر عمره، ورجع إليه الباقلاني وإمام الحرمين. وحكى الإجماعَ على منع التأويل الغزالي والفخر الرازي وغيرهم كثير. وقد نظم بابه في هذا نظما مُبينا أن الراجح من المذهبين هو التفويض بل هو المتعين الذي لا يجوز غيره، لأن المؤول ليس على يقين من مطابقة ما أَوّلَ به لمراد الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، فقد يكون مُعَطِّلا بنفيِ صفة أثبتها الله تعالى لنفسه، لا سيما والمصيب في العقيدة واحد اتفاقا بين المُخَطّئَةِ والمُصَوِّبَةِ، والمُخطئُ فيها غير معذور، لا يخالف في ذلك إلا من لا يعتد بخلافه. فقال: ما أوْهَمَ التّشْبِيهَ من آيات فَهْوَ صِفاتٌ وُصِفَ الرّحمنُ ثُم على ظاهرها نُبقيها قال بذا الثلاثة القرونُ وَهْوَ الذي يَنْصُرُه القرآن وكم رآه من إمام مرتضى ومن أجاز منهم التاويلا والحقُّ أن من أصاب واحدْ ووافقَ النصَ وإجماعََ السلفْ ومن تَأوّل فقد تَكلفا وفي الذي هربَ منه قد وقعْ حتى حكى في منعه الإجماعا وقد نََمَاهُ بعض أهل العلم فاشدُدْ يديك أيها المُحِقُّ

وفي أحاديثَ عن الثِّقاتِ بها وواجبٌ بها الإيمانُ ونََحْذَرُ التأويل والتشبيها والخير بإتباعهم مقرونُ والسُّنََنُ الصّحاحُ والحسانُ من الخلائق بناظر الرضا لم يُنكروا ذا المذهب الأصيلا لاسيما إن كان في العقائدْ وكيف لا يَتْبَعُ هذا من عرفْ وغيرَ ماله به عِلمٌ قفا وبعضهم عن قوله به رجعْ وجَعَلَ اجتنابه اتِّباعا من الأكابر لحزب جَهْمِ على الذي سمعت فهو حَقُّ

ونقلَ بابه عليه كلام البغوي في شرح السنة، عازيا لسفيان بن عيينة: كُلُّ ما وَصفَ الله سبحانه وتعالى به نفسَه في كتابه فتفسيرُه قراءتُه والسكوتُ عليه، ليس لأحد أن يفسره إلا اللهُ عز وجل ورسولهُ، وقَوْلَ مالك في الإستواء، وقولَ الأوزاعي وابن عيينة ومالك في أحاديث الصفات "أَمِرُّوها كما جاءت بلا كيف". وقولَ ابن حجر في فتح الباري: "ومعنى الإمْرَارِ عدمُ العلم بالمراد منه، مع اعتقاد التنزيه"، ثم نَقَلَ كلاما نفيسا للفخر الرازي بواسطة السيوطي في الإتقان، وكلامَ الترمذي في بابِ ما جاء في خلود أهل النار. وعزوه لابن المبارك ووكيع وغيرهما قالوا: "تُرْوى هذه الأحاديثُ ولا يُقال كيفَ". وهذا الذي اختاره أهل الحديث أن تُروى هذه الأشياءُ كما جاءت ويُؤمن بها ولا تُفَسَّرُ ولا تُتََوَّهَمُ ولا يقال كيف. وهذا أمرُ أهل العلم الذي اختاروه وذهبوا إليه. ونَقَلَ كلامَ إمام الحرمين ورجوعَهُ عن التأويل في الرسالة النِّظامية، ونقَلَ إجماعَ السلف على منعِهِ، ثم كلامَ ابن الصَّلاحِ في أن التفويض هو الذي مضى عليه صَدْرُ هذه الأمة، وأنه لا أحَدَ من المتكلمين يأباه،

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير