تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وكلامَ الخازنِ في تفسيره عند قوله تعالى: هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة الآية: "وللعلماء في آيات الصفات وأحاديثها مذهبان: أحدهما مذهبُ سَلِفِ هذه الأمة وأعلامِ السُّنة الإيمانُ والتسليمُ لما جاء فيها، وأنه يجب الإيمان بظاهرها ونؤمن بها كما جاءت، ونَكِلُ عِلْمَها إلى الله ورسولِه صلى الله عليه وسلم مع الإيمان والاعتقاد بأن الله مُنَزّهٌ عن سِماتِ الحدوثِ" إلى آخر أنقالِه الغزيرةِ. وقد تَطَرّقَ فيه إلى فوائدَ وزوائدَ كالخلاف في تكفير أهل الأهواءِ وغيرِ ذلك، فأشْبَعَ المسألة بحثا ونقلا لا يبقى بعده للمُنْصِفِ تَردُّدٌ في أن التفويض هو الصواب. فاشدُدْ يديك أيها المُحِقُّ على الذي سمعت فهو حقُّ

وقوله: ثم على ظاهرها نبقيها ... إلى أخر النظم، وما في أنقاله الغزيرة من وجوبِ الإبقاء على الظاهر لا ينافيه قول المَقَّري في الإضاءة: والنصُّ إن أوْهَمَ غير اللائقِِ فاصْرِفْهُ عنْ ظاهرهِ إجماعا بِالله كالتّشبيهِ بالخلائق واقْطَعْ عَنِ المُمْتَنِعِ الأطْمَاعَا

لأنّ مُرادَ المقَّري بالظاهر الذي يصرف عنه إجماعا ظاهرٌ يقتضي التشبيهَ، وهذا مما لا خلافَ فيه بين المُفَوِّضَةِ والمُؤَوِّلَةِ. والظاهرُ الذي نبقيه عليه في البيت وأنقاله إبْقاءُ اللفظ بأن نؤمن به كما ورد، ونَكِلُ علم معناه إلى الله تعالى من غير تشبيه ولا تفسير.

6. موقفه من علم الكلام: ومنها مسألة علم الكلام الذي تباينت فيه الأنظار، فمن قائل بتحريم الاشتغال به وحكى إجماع السلف على تحريمه، لما فيه من تقرير الشُّبَهِ بأقوال الفلاسفة وردِّها بها. وقد شَدَّدَ فيه الشافعي وشنع على المشتغلين به. ومن قائل بوجوبه عينا، أو كفاية، أو ندبه، بناء على الخلاف في إيمان المُقَلِّدِ عندهم، ولأنه تتقرر به العقائد بأدلتها على مذهب أهل السنة .... إلى آخر ما قالوا. وكان من قواعده المشهورة عندهم أن كُلَّ ما يتوقف الشّرْعُ عليه كالوجود، والقدم، والبقاء، ومخالفتِه للحوادث، والغنى والوحدانية على الأصح من الخلاف، وكالقدرة والإرادة والعلم والحياة، مُمْتَنِعٌ إثْباتُهُ بدليل السمع أي لابد في إثباتِهِ من الدليل العقلي، لما يَلزم منه من الدور، وهو تَوَقُفُّ كِلاَ الأمرين على الآخَرِ وهو مُحال لاستلزامِهِ تَوَقف الشيء على نفسه. ووجْهُ لزومِ الدّوْرِ فيه عندَهم أن من ادعى الرسالة إذا أقام الخارقَ شاهِدا على صدقه، فلا يَدُلُّ صُدُورُ الخارقِ على يديه على صدقه إلا إذا تُحُقِّقَ أنّ هذا الخارقِ إنّما صَدَرَ من مُرْسِلِهِ ليكون مُطابقا لدعواه نازلا مَنْزِلَةَ قَوْلِ مُرْسِلِه: "صَدقْتَ فيما أخبرْتَ به عني"، فحينئذ يُتَحَقَّقُ تَصْديقُ مُرسِلِه له بهذا الخارقِ، وإذا لم يكن لنا عِلْمٌ باتصافِ مُرْسِلِه بالإرادة المُخَصِّصَةِ بهذا الخارق والقدرةِ التي أوْجَدَهُ بها وغير ذلك من الصفاتِ التي يَتوقف التأثير على ثبوتها لله تعالى لم يتم للرسول الاستدلالُ عليها بهذا الخارق، فإذا لم يكن لنا عِلْمٌ باتّصافِ مُرْسِلِه بهذه الصفات إلا من قََوْلِ الرسول لَزِمَ الدّورُ لأن تَحَقُّقَنا لصدقِه في كل ما أخبرَ به الذي من جُمْلَتِه اتصافُ مُرْسِلِه بهذه الصفات التي لا يتأتى له دون الاتصاف بها إيجادُ هذا الخارق، بل ولا إيجاد مُمْكِنٍ ما، مُتَوَقّفٌ على تحَقُّقَنا كَوْنَ الخارق فِعْلا لَمُرْسِلِه وتََحَقُّقُ كَوْنِ الخارق فعلا لمُرْسِلِه مُتَوَقِّفٌ على تحققنا أن مُرْسِلِه مُتّصِفٌ بهذه الصفات، وتَحَقُّقُنا اتِّصَافَهُ بهذه الصفات على هذا الفرض مُتَوَقِّفٌ على تَحَقُّقِنا لِصِدْقِهِ في كل ما أخبرَ به الذي من جملته اتصافُ مُرسلِه، فدار بعد ثلاث مراتبَ، لأنا إذا أثبتناها بقولِ الرسول فقد توقفَ ثبوتها على معرفتِنا لصدقِه، ومعرفتُنا لصدقِه مُتوقفةٌ على معرفةِ كَوْنِ شاهدِه الذي هو المعجزة فعلا لمُرسِلِه، ومعرفةُ كونِها فعلا لمُرسلِه مُتوقفةٌ على اتصاف مُرسلِه بهذه الصفات، ومعرفةُ اتصافِ مُرسله بهذه الصفات مُتوقفة على معرفةِ صِدقه - على هذا الفرض –فدار. وهو الذي أشار إليه المقّري بقوله: وكل ما لم يتوقف شرعُ وعَكسُه مُمتنعٌ للدّوْرِ عليه فالدليل فيه السمعُ فاقطِفْ بأيدي العِلم أبهى النَّور

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير