تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ونَظم الشيخ بابه أبياتا، ونَقل عليها أنقالا كالشرح لها في أن معجزة القرآن فيها كفايةٌ عما ادعوا لاكتفاء من أسْلمَ في العصر النبوي وعصر الخلفاء الراشدين بها، ولا دوْر فيها لأن الجهة مُنْفَكَّةٌ كما سيأتي بيانه. فقال: معرفة الإعجاز للقرآن وعِلْمَ ذلك البليغُ يَعْلَمُ وغيرُه يَعرفُ بالدليلِ هذا الذي قد رجع الكلامُ تكفيك من معرفة الإيمانِ ضَرُورةً عَرَبُه والعَجَمُ إعجازَهُ بعَجْزِ كُلّ جيلِ إليه فاحفظَنْهُ والسلامُ

ونقل على هذا كلامَ الحافظ ابن حجر في فتح الباري في كتاب التوحيد عازيا للبيهقي في كتاب الاعتقاد قال: "سلكَ بعضُ أئمتنا في إثبات الصانع وحدوثِ العالم طريقَ الاستدلال بالمعجزات، فإنها أصلٌ في وجوب قبول ما دعا إليه النبي صلى الله عليه وسلم. وعلى هذا الوجه وقع إيمانُ الذين استجابوا للرُّسُل". ثم ذكر قصةََ النجاشي، وقولَ جعفر بن أبي طالب: "بعثَ الله لنا رسولا نعرف صدقه، فدعانا إلى الله، وتلا علينا تنزيلا من الله لا يُشبهه شيء فصدقناه، وعرفنا أن الذي جاء به الحقُّ" ... الحديثَ بطوله. قال البيهقي: "فاستدلوا بإعجاز القرآن على صدقِ النبي، فآمنوا بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من إثبات الصانع ووحدانيته وحدوثِ العالَمِ وغير ذلك بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، واكتفاءُ غالبِ من أسلمَ بمثلِ ذلك مشهورٌ، فوجبَ تصديقه في كل شيء ثَبَتَ عنه بطريق السمع، ولا يكون ذلك تقليدا بل هو اتباعٌ هـ". ثم جلب حديث البراء بن عازب الطويل في سؤال الملكين من مُسندِ أحمد، وقولَ البيضاوي في تفسيره عند قوله تعالى قال أو لو جئتك بشيء مُبين: "يعني المعجزة فإنها الجامعة بين الدلالة على وجود الصانع وحكمته، والدلالةِ على صِدْقِ مُدّعي نبوته هـ"، وللفخر الرازي نحوٌ منه في مواضعَ من تفسيره، والزمخشري في الكشاف قائلا: "فلما تجاوبَ كُلُّهُ بلاغةً معجزةً فائتةً لقُوَى البلغاءِ، وتَنَاصُرَ صِحَّة معانٍ، وصِدْقَ أخبارٍ، عُلِمَ أنه ليسَ إلا مِن عندِ قادرٍ على ما لا يَقْدِرُ عليه غيرُه عالمٍ بما لا يَعلمُه سِواهُ هـ". ثم قال، بعد أنقالٍ كثيرةٍ، مُجيبا عن الدور المدعى عازيا لشرح جسوس على توحيد ابن عاشر، ناقلا من خطِ شيخه محمد بن زُكري الفاسي: "ليس المُقّلّدُ هُو التارِكَ للنظرِ في الأدلة العقلية خلافا لجمهور المتكلمين، وإنما هو التاركُ للنظر في ثبوتِ رسالة الرسول، كمن وُلِدَ بين ظهراني قوم مؤمنين، وسَمِعَ اسمَ النبي صلى الله عليه وسلم وفضْلَه على الجملة، ولم يخالط أهل العلم ولا من خالطهم، فلم يعرف معجزةً من المعجزات المُثْبِتَةِ للرسالة. وأما من ثَبَتَتْ عنده الرسالة بالمعجزات فاستنادُهُ إلى قول الرسول المتواترِ كافٍ في عقائده، بل هو أقْطَعُ من كل برهان ذكَرَه المتكلمون، فإن قيل هذا ظاهر في غير ما تتوقف عليه دلالة المعجزات على صدقِ الرسول، أما ما هو كالوجود والقدم والبقاء والغنى ومُصححات الفعل فلا للدّوْرِ. قُلتُ هو وإن ذكروه غيرُ ظاهرٍ، إذ المُتوقف على اتصافِ الفاعل للخارق بذلك هو وجودُ الخارق في نفسِ الأمر، لا دلالتُه على صدقِ الآتي به، فإن المشاهدين لانشقاق القمر مثلا يستفيدون من ذلك صِدْقَ المُتحدي به قطعا، وإن فرضنا أنهم غافلون عن اتصافِه تعالى بتلك الصفات غيرُ مستحضرين له. والمُتوقف على السمع العِلْمُ بتلك العقائد، فالجهةُ مُنْفَكّة. فإن قيل كان حاصلا عندهم، ولو سئلوا عن فاعل هذا الخارق هل هو قادر لقالوا نعم، ولا يلزم من عِلمٍ حضوره، قُلنا ذلك العلم مع صِدْقِ الرسول مستفادٌ من الخارق دَفعةً واحدةًًَ هـ". وعزا له ناقلا عن أبي جمرة والقشيري، والغزالي وابن عباد، وابن عطاء الله، وابن رشد، وابن حجر والقرطبي، أن النظرَ الواجبَ المُخْرِجَ من التقليد هو النظرُ في المعجزة التي ثَبتت بها الرسالة، إذ التقليد هو الأخذ بقول غير المعصوم بغير حجةٍ، وأما الأخذ بقول المعصوم فهو أقوى الحجج. ثم عزا انفكاك الجهة في الدوْر المُدعى لابن كيران في شرح توحيد ابن عاشر نحوَ ما نقل عن ابن زكري قال: "والخروج من التقليد على هذا في غاية السهولة، وحاصلٌ لعوام المسلمين، ومِثْلُهُ للأمير في شَرحِ الجوهرة وزاد قائلا: لو صحّ هذا الدور للزم بالأولى في الدليل العقلي، فإنه بنفسه والنظرِ فيه يتوقف على

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير