وهو المسافر الذي انقطع به السفر ونفدت نفقته، فإنه يعطى من الزكاة ما يوصله لبلده، وإن كان في بلده غنيًّا؛ لأنه محتاج، ولا نقول له في هذه الحال: يلزمك أن تستقرض وتوفي لأننا في هذه الحال نلزمه أن يلزم ذمته ديناً، ولكن لو اختار هو أن يستقرض ولا يأخذ من الزكاة فالأمر إليه، فإذا وجدنا شخصاً مسافراً من مكة إلى المدينة، وفي أثناء السفر ضاعت نفقته ولم يكن معه شيء وهو غني في المدينة، فإننا نعطيه ما يوصله إلى المدينة فقط، لأن هذه هي حاجته ولا نعطيه أكثر
وإذا كنا قد عرفنا أصناف أهل الزكاة الذين تدفع لهم فإن ما سوى ذلك من المصالح العامة أو الخاصة لا تدفع فيه الزكاة، وعلى هذا لا تدفع الزكاة في بناء المساجد، ولا في إصلاح الطرق، ولا في بناء المكاتب وشبه ذلك، لأن الله عز وجل لما ذكر أصناف أهل الزكاة قال: (فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) أي أن هذا التقسيم جاء فريضة من الله عز وجل (وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).
سؤال مهم *وهو يدخل ضمن السؤال *:
ثم نقول: هل هؤلاء المستحقون يجب أن يعطى كل صنف منهم؛ لأن الواو تقتضي الجمع؟
فالجواب: أن ذلك لا يجب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه حين بعثه إلى اليمن: (أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم) فلم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم إلا صنفاً واحداً، وهذا يدل على أن الآية يبين الله تعالى فيها جهة الاستحقاق، وليس المراد أنه يجب أن تعمم هذه الأصناف.
فإن قيل: *أيها أولى أن تصرف فيه الزكاة من هذه الأصناف الثمانية *؟
قلنا: إن الأولى ما كانت الحاجة إليه أشد؛ لأن كل هؤلاء استحقوا الوصف، فمن كان أشد إلحاحاً وحاجة فهو أولى، والغالب أن الأشد هم الفقراء والمساكين، ولهذا بدأ الله تعالى بهم فقال: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة/60.
والله أعلم.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/ 331 - 339) موقع الإسلام سؤال وجواب
والله أعلم بالصواب.
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[19 - 12 - 2010, 11:18 ص]ـ
السلام عليكم:
شكرا للأخت زهرة متفائلة.
لقد كان سؤالي نتيجة حوار دار مع الزملاء حول كيفية التوزيع، وكان رأيي أن الواو تفيد الترتيب، وأن الأولى إعطاء الفقراء، لأنهم تقدموا وهذا دليل اعتناء بهم، وترتيب الله تعالى لهم مستمد من مدى الحاجة وانعدام المصادر الأخرى، والله تعالى أعلم بالحال، وبعد ذلك يأتي دور المساكين ........ إلخ.
قال سيدنا أبو بكر للأنصار يوم السقيفة: وقُدِّمنا في القرآن عليكم، وتقديمهم في القرآن مستمد من الواقع، فهم الذين أسلموا أولا ونصروا الرسول الكريم، وهاجروا معه، ولهذا استحقوا التقديم في القرآن، وتقديمهم يعني أفضليتهم لاستلام الخلافة.
مع التحية والتقدير.
والله تعالى أعلم