تقديره: بكى على البكاء لفقد إياه وعدمه
وقال آخر محدث أيضاً:
ويح من لام عاشقاً في هواه إنّ لوم المحبّ كالإغراءُ
رفع الإغراء لأنّه خبر إنّ والكاف ضمير المخاطب وينبغي أن تتصل بالمحب في الخطّ غير أنه
فصل لموضع النكتة وهو اللغز وكلّ موضعٍ رأيته في دوارج الكتاب مكتوباً على هذا المنهاج فاحمله على ما ذكرناه هنا واللام في المحب بمعنى الذي تقديره: إنّ لوم الذي يحبك الإغراء.
وقال محدث آخر:
صل حبالي فقد سئمت الجفاءُ يا قتولي واحفظ عليّ الإخاءُ
رفع الجفاء بالابتداء وخبره قتولي و يا حرف تنبيهٍ لا منادى له أو قد حذف مناداه كقوله: يا لعنة الله
أي يا قوم وفصل بين المبتدأ والخبر بالنداء وهو جائز لقولك: زيدٌ يا عمر وكريمٌ و سئمت لا تعلق له بما بعده لأنّ مفعوله محذوفٌ وكذلك مفعول احفظ و الإخاء مبتدأ و عليّ الخبر تقديره صل حبالي فقد سئمت الصدّ الجفاء يا قوم قتولي واحفظ الودّ عليّ الإخاء.
وقال الفرزدق:
هيهات قد سفهت أمية رأيها واستجهلت سفاؤها حلماؤها
حربٌ تردّد بينهم بتشاجرٍ قد كفّرت آباؤها أبناؤها
هذا نظير قوله تعالى: (إلاّ من سفه نفسه وبطرت معيشتها) وقد اختلف علماء العربية في وجهة نصب ذلك فقال يونس بن حبيب وأبو الحسن الأخفش: سفه يعني سفّه، وقال أبو عبيدة: بمعنى أهلك وقال الّزجّاج: جهل وقال أبو سعيد السيرافي المعنى سفه في نفسه فحذف حرف الجر وأوصل بفعل كقول الشاعر: يغالي اللحم للأضياف نيئاً، أي: باللحم
وقيل: هو تمييزٌ واستجهلت كلامٌ تامٌ وفيه ضميرٌ عائدٌ إلى أميّة و سفاؤها مبتدأ و حلماؤها الخبر
و قد كفرت مثله ومعناه: لبست السلاح فاستترت به و أبناؤها الخبر والضمير في آباؤها عائدٌ على
أمية وفي الخبر عائد على الحرب تقديره: آباء أميّة أبناء الحرب
وقال ملغزٌ آخر:
قالَ زيدٍ سمعت صاحب بكرٍ قائلٌ قد وقعت في اللأواء
قال اسمٌ للقول مضافٌ إلى زيد منصوبٌ لسمعت و صاح من صاحب ترخيم صاحب وهو من
الشذوذ و ببكرٍ جار ومجرور وهو خبر مبتدأ ومبتدؤه: اللأواء و قائلٌ: خبر مبتدأ محذوف
و فِه أمر من: وفى يفي والتقدير: سمعت قول زيدٍ يا صاح ببكرٍ اللأواء أيّ الشدّة فه لي.
وأنشد أبو علي في بعض تأليفه:
لما رأيت أبا يزيد مقاتلاً أدع القتال وأترك الهيجاء
بنصب أدع وأترك
حرف الباء
قال الفرزدق:
وما مثلُه في الناس إلا ّمملكاً أبو أمّه حيٌ أبوه يقاربه
الممدوح إبراهيم بن هشام بن المغيرة المخزوميٍ خال هشام بن عبد الملك فتوجيه إعرابه:
أن ما حرف نفي و مثله ابتداء والهاء فيه عائدة إلى الممدوح و في الناس متعلق بمثل و حي خبره
و يقاربه صفة لحي والهاء فيه عائدة إلى الممدوح إلا مملكا استثناء مقدم من حي و أبو أمه مبتدأ
والهاء التي فيه عائدة إلى مملك وهو الخليفة وخبره أبوه والهاء التي فيه عائدة إلى الممدوح تقديره: وما مثل هذا الممدوح في الناس حي مقارب له إلا مملك هو الخليفة وأبو أم الخليفة أبو هذا الممدوح وفي البيت ضرورتان:
إحداهما: الفصل بين صفة حي وحي بأبوه
والثانية: الفصل بين المبتدأ والذي هو أبو أمه وخبره بحي
وقال آخر وهو من أبيات الكتاب وأنشده الزمخشري:
لن تراها ولو تأملت إلا ولها في مفارق الرأس طيبا
نصبا طيبا حملاً على المعنى بتراها وفيه ضعف لأنه محمول على: رأيت زيدا له مال وحسبا وهذا
إنما يكون بعد تمام الكلام وليس كذلك في البيت لأن قوله: لن ترها ولو تأملت ليس بتمام لكنه نصبه
لدخوله في الرؤية لأنه قد علم أنه متى رآها فقد دخل طيبها في الرؤية تقديره: إلا لها في مفارق الرأس طيبا.
وقال آخر أنشده أبو الحسن:
كساني أبي عثمان ثوبانُ للوغى وهل ينفع الثوب الرقيق لذي الحرب
الكاف للتشبيه و ساني فاعل من سنا يسنو إذا استقى و ثوبان اسم رجل وهو مبتدأ وخبره كساني
واللام في قوله للوغى متعلقة بما في الخبر من معنى الفعل تقديره: ثوبان كساني أبي عثمان للوغى
في الضعف وقلة الغناء والوغى: الصوت في الحرب وسميت الحرب وغى لذلك استعارة.
وقال آخر أنشده أبو علي:
هما حين يسعى المرء مسعاة أهله أناخا فشدا كالعقال المؤرب
هما ضمير الجدين في بيت قلبه وهو:
غضبت علينا أن علاك ابن غالب فهلا على جديك إذ ذاك تغضب
و هما مبتدأ وخبره الفعال المؤرب والمؤرب: المحكم الفتل والشد من قولك: أربت العقدة إذا أحكمت
¥