تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إن هذا الاختيار للألفاظ ذاتها، بل الألفاظ منضمة إلى المعاني، بحيث لا يتحقق المعنى المراد إلا بهذا اللفظ دون سواه، بغض النظر عن الاعتبارات البديعة الأخرى فلا الألفاظ ذات أولوية على حساب المعاني ولا المعاني ذات أولوية على حساب الألفاظ.

القرآن الكريم فضلاً عن كونه نصاً إعجازياً لا طاقة لنا على إدراك خصائصه الفنية على الوجه الأكمل، فإنه نص أدبي باهر تتوافر فيه سمات أرقى نص عربي وصل إلينا دون ريب. ومن هنا فإننا نختلف مع جملة من العلماء الذين يرون عناية القرآن بالألفاظ ناجمة عن العناية بأصناف البديع، وفنون المحسنات اللفظية المتوافرة في القرآن، ومع توافر هذه الفنون في القرآن فإنها غير مقصودة لذاتها، وإنما جاءت بتناسقها ضرورة بيانية يقتضيها جمال القول، وهذه الضرورة نفسها لم تكن متكلفة ولا ذات نزعة مفروضة كما هي الحال في الأسجاع المتناثره هنا وهناك في النثر العربي القديم، فإنها أريدت في النصوص الأدبية هكذا، سواء أحققت الغرض المعنوي أم لم تحققه إطلاقاً، لأن المهمة في مثل هذه اللوحات مهمة لفظية فحسب حتى أنها لتثقل النص بمحسنات يزداد معها النص انصرافاً عن الديباجة والذائقة الفنية وتزداد معه النفس تبعاً لهذا الانصراف عزوفاً أو نفوراً.


(1) بنت الشاطئ التفسير البياني للقرآن: 1/ 206.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير