تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقد استعملها العرب في معانٍ كثيرة، ولم يسمّها العرب بهذا الاسم، ولكن علماء النحو هم الذين سمّوها. وقد يكون مبعث هذه التسمية هو أنهم لما وجدوا أن أكثر استعمالات هذه الصيغة هو في طلب الفعل على وجه الاستعلاء والعلو والصلاحية أي في الأمر، وأنها تحمل معناه نفسه، اصطلحوا على تسميتها بـ (صيغة الأمر). فالإيجاب والندب والإرشاد والتهديد، والامتنان، والتسخير، والتعجيز والإهانة، والاحتقار ... كلها وجوه تستعمل لها (صيغة الأمر). وكلها فيها معنى الأمر؛ لذلك غلب استعمال (صيغة الأمر) أو ما يقوم مقامها، على الأمر. ولكن هذا الاصطلاح هو لإطلاق هذا الاسم على هذه الصيغة، لا لحصر معناه في الأمر. فإذا أردنا أن نتبين معناها فلا بد أن نفهمها فهماً لغوياً بحسب دلالة اللغة، بحسب استعمال العرب لهذه الصيغة. فالاصطلاح لا يفسّر بحسب دلالته اللغوية، بل بحسب تواضع أهل الفن على اصطلاحاتهم. فإذا اصطلحوا على تسمية صيغة (إفعل) أو ما يقوم مقامها بـ (صيغة الأمر) فلا مشاحة في الاصطلاح، ولا يُحمل الاصطلاح على مدلوله اللغوي، بل يُحمل على مدلوله الاصطلاحي عند من اصطلحوا عليه فالاصطلاح كما ذكر الجرجاني في (التعريفات): (إخراج الشيء عن معنىً لغوي إلى معنىً آخر لبيان المراد). فإذا اصطلح علماء النحو والصرف مثلاً على أن جمع المذكر السالم هو كل مفرد انتهى بواو ونون مضموم ما قبلهما في حالة الرفع، وياء ونون مكسور ما قبلهما في حالتي الجر والنصب، وحددوا الألفاظ التي يمكن جمعها جمع مذكر سالماً؛ فلا يلزم أن يكون مدلوله مذكراً خالصاً سالماً من الإناث. فلفظ (المعلمون) في جملة (حضر المعلمون) ليس خاصاً بجمع الذكور، بل هو شامل للإناث أيضاً. فهو يسمّى جمع مذكر سالماً في علم النحو والصرف فقط، ولا يفيد المعنى اللغوي على وجه التدقيق.

وكذلك الفعل الماضي هو الذي حدث في زمن مضى. لكن صيغة الفعل الماضي قد تفيد معنى الاستقبال كقولك (رحم الله فلاناً). ومع هذا يبقى اعتبار فعل (رحم) فعلاً ماضياً في اصطلاح النحويين. وقل مثل ذلك في الفاعل. فهو اصطلاح نحوي وليس لغوياً. فعندما نقول: (جاء فلان) فإن (فلان) هو الذي قام بالفعل. أما عندما نقول (مات فلان) فإن (فلان) فاعل في اصطلاح النحويين بينما هو مفعول به وليس فاعلاً من الناحية اللغوية إذ وقع عليه فعل الموت ... كذلك هي الحال بالنسبة إلى (صيغة الأمر) فإنها من حيث الاستعمال، استعملت في الأمر وفي غيره، من غير أن يحصر استعمالها بمدلول تسميتها، ومن غير أن يمنع ذلك من تسميتها في علم النحو

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير