تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وذهب فريق آخر من النّحاة إلى جوازه كالرَّضيّ ومثَّلَ له بقوله: (أُحبُّه ولاسيّما وهو راكبٌ). (شرح الكافية 1/ 249)

وقد وافقه الدّمامينيّ حيث علّق على كلام الرَّضيّ بقوله: (وقد رأيت اشتماله على الحكم بصحة ما جعله الشَّارح – يعني المراديّ – تركيبا غير عربيّ). (تعليق الفرائد 6/ 154)

وهو ما أكَّده الصَّبَّان بقوله: (فقول المصنِّفين: " ولاسيّما والأمر كذا " تركيب عربيّ خلافاً للمراديّ). (حاشية الصبان على الأشموني 2/ 168)

السّادس: حكم وصل " ما " بالظرف أو الجملة الفعلية أو الجملة الشرطية:

ذهب النّحاة إلى أنَّ " ما " من " لاسيّما " إن كانت موصولة بمعنى " الَّذي " فإنَّها قد توصل بظرفٍ كقولك: " يعجبني الاعتكاف ولاسيّما عند الكعبة "، و " يعجبني التهجّدُ ولاسيّما قرب الصّبح ".

وقد توصل بجملة فعليّة، كقولك: " يعجبني كلامك لاسيّما تَعِظُ به ".

وقد توصل بالجملة الشَّرطيّة، كما حكى الأخفش أنَّهم يقولون: " إنَّ فلاناً كريم ولاسيّما إنْ أتيته قاعدا ". (شرح الكافية للرضي 1/ 249)

قال أبو حيّان: (وإذا جاء بعدها الشّرط كانت " ما " كافّة، وإن قُدّرت " ما " زائدة لم يجز؛ لأنَّه يلزم إضافة " سيّ " إلى جملة الشّرط، وذلك لا يجوز). (الارتشاف 3/ 1552)

وأمَّا وصلها بالجملة الاسمية فهو الغالب، قال الدّمامينيّ: (وهذه مسألة يُحاجى بها، فيقال: متى يكون وصل الموصول بالاسميّة غالباً وبالظّرف والفعليّة نادراً؟). (تعليق الفرائد 6/ 151)

السّابع: حكم إتيان " لاسيّما " بمعنى: خصوصا:

انفرد الرّضيّ – رحمه الله – عن بقيّة النّحاة بهذا الحكم، أعني به نقل " لاسيّما " إلى المفعوليّة المطلقة، فيكون معناها: خصوصاً، وتقع الجملة بعدها، حيث قال: (وقد يحذف ما بعد " لاسيّما " على جعله بمعنى: خصوصا، فيكون منصوب المحلّ على أنه مفعول مطلق)؛ ثُمَّ مثل لقيام " لاسيّما " مقام: خصوصا بقوله: (فإذا قلت: " أحبّ زيداً ولاسيّما راكبا " أو " على الفرس " فهو بمعنى: وخصوصا راكباً، فـ " راكبا " حال من مفعول الفعل المقدّر، أي: وأخصّه بزيادة المحبّة خصوصا راكبا، وكذا في نحو:

" أحبّه ولاسيّما وهو راكب " وكذا قولك: " أحبّه ولاسيّما إن ركب " أي: وخصوصا إن ركب، فجواب الشّرط مدلول خصوصا، أي: إن ركب أخصّه بزيادة المحبّة، ويجوز أن يجعل بمعنى المصدر اللاّزم، أي: اختصاصا، فيكون معنى: وخصوصا راكبا، أي: ويختصّ بفضل محبّتي راكبا، وعلى هذا ينبغي أن يؤوّل ما ذكره الأخفش، أعني قوله:

" إنَّ فلانا لكريم لاسيّما إن أتيته قاعدا " أي: بزيادة الكرم اختصاصا في حال قعوده). (شرح الكافية 1/ 249)

قال الدّمامينيّ: (ولا أعلم من أين أخذه). (تعليق الفرائد 6/ 152)

وقال أيضاً: (ولا أعرف أحدا ذهب إلى ما ذكره من أن " لاسيّما " منقول من باب " لا " التبرئة إلى باب المفعول) (حاشية الدماميني على المغني 1/ 284)

الثامن: حكم جعل " لاسيّما " من أدوات الاستثناء:

اختلف النّحاة في " لاسيّما " هل تعدّ من أدوات الاستثناء أم أنها ليست من أدواته؟

عدَّ الكوفيون وجماعة من النّحاة كالأخفش، وأبي حاتم، والفارسيّ، والنّحاس، والزّجّاج، وابن مضاء، والزّمخشريّ، وابن يعيش، من أدوات الاستثناء " لاسيّما "؛ لمّا رَأوا ما بعدها مخالفا لما قبلها بالأولويّة الّتي لما بعدها.

وذهب جماعة من النّحاة إلى أنها ليست من أدوات الاستثناء، منهم ابن مالك حيث قال: (ومن النّحويين من جعل " لاسيّما " من أدوات الاستثناء، وذلك عندي غير صحيح؛ لأنَّ أصل أدوات الاستثناء هو " إلاَّ "، فما وقع موقعه وأغنى عنه فهو من أدواته، وما لم يكن كذلك فليس منها.

ومعلوم أن " إلاَّ " تقع موقع " حاشا، وعَدَا، وخلا، وليس، ولايكون، وغير، وسوى "، وغير ذلك ممّا لم يُختلف في الاستثناء به، فوجب الاعتراف بأنه من أدواته، و " لاسيّما " بخلاف ذلك فلا يعدّ من أدواته، بل هو مضادّ لها، فإنَّ الَّذي يلي " لاسيّما " داخل فيما قبله ومشهود له بأنه أحقُّ بذلك من غيره، وهذا المعنى مفهوم بالبديهة من قول امرئ القيس:

ألا رُبّ يومٍ صالحٍ لكَ منهما ولاسيّما يومٌ بدارة جُلْجُلِ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير