تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيقول العاجز الفقير إلى الغنيّ القدير محمَّد بن محمَّد الملقَّب بالأمير، عامله الله باللُّطف وحسن التدبير، قد كنت رأيت أبياتا تتعلّق بكلمة " ولا سِيّما " وهي في غاية الحُسن والإتقان، ناشئة عن تحقيق وتدقيق وإمعان، كيف وهي لحسَّان الزَّمان، وبَهْجَة الإخوان، الشَّيخ أحمد بن الإمام الشَّيخ أحمد السُّجَاعيّ عاملني الله وإيّاه والمسلمين بالإحسان، بجاه سيّدنا محمَّد سيّد ولد عدنان، فوضعت عليها تعليقا لطيفا في زمن قصير بُعيد العشاء، فاعتنى به بعض الأذكياء وحشّاه، وأورد عليه من الاعتراضات ما ستقف بفضل الله على معناه، ثم حشّاه بعض آخر مجيبا عن بعض تلك الاعتراضات لا عن جميعها، لعدم اطّلاعه على جميع الحاشية الأولى، وقد منَّ الله عليَّ باطلاعي عليها فوضعت هذا ثانيا في شأن ذلك مع مزيد فوائد، فأقول وبالله أستعين، قال المصنّف: (وَمَا يَلِي لَاسِيَّما) اعلم أنه يجب الابتداء بالبسملة والحمْدَلةِ في الأمور ذوات البال للحديث المشهور ([20])، ولا شكَّ أنَّ هذا التأليف من ذوات البال، وحاشا المصنّف أن لا يعمل بالحديث، فيجب أن يكون ابتدأ بهما نطقا وذلك كافٍ، إلاَّ أنه جرت عادة المؤلّفين بإدراجهما في مؤلّفاتهم لفظا ورسما، والمصنّف خالفهم في ذلك فلا بدَّ لمخالفتهم من نكتة، ولعلَّها – والله أعلم – هَضْمه نفسه بأنَّ تأليفه هذا ليس من المؤلّفات ذوات البال الَّتي جرت العادة فيها بما ذكر حتى يأتي على عادتها وهذا لا غبار عليه، وهو المراد بقولي في (الصَّغير): " وكأنه ترَكَهما من النَّظم هضما لنفسه بأنَّ تأليفه هذا ليس من الأمور ذوات البال، وهذا حُسْنُ تواضعٍ من دأب الرَّجال " انتهى.

قال المعترض ما نصَّه: " والأنسب في التعبير أن يقول: وكأنه ترَكَهما من النَّظم إشارة إلى عدم تعيُّن رسمهما؛ لأنَّ قول النَّبيّ r " لا يُبْدأُ فيه بِبسم الله 000 إلخ " أعمّ من أن يكون لفظا وخطَّا أو خطَّا لا لفظا أو لفظا لا خطَّا، لأنَّ حذف المعمول يُؤذن بالعموم، وإن كان الثواب المترتّب على لفظهما مع كتابتهما أكثرَ من الثّواب المترتّب على فعل أحدهما فقط؛ فأمَّا ما ذكره من "الهضْميّة " [1/ب] فلا ينهض عِلَّةً للترك، اللّهم إلاَّ أن يكون بمعونة أنه ليس ممَّن يؤدي الحمد على ما ينبغي، لكنه لا يظهر في جانب البسملة لمن تأمّل " انتهى كلامه.

وأقول: إنما الَّذي لا ينهض علّةً ما ذكره هو من الإشارة؛ إذ حيث كان الابتداء الرَّسمي داخلا في الحديث وإن لم يكن على سبيل التعيّن، وكان جمعه مع اللَّفظيّ أكثر ثوابا وجرت عادة المؤلّفين به قديما وحديثا، فلا ينبغي تركه لمثل هذه الإشارة إلى ما هو معلوم من خارج ممَّا لا ثواب فيه، بخلاف ما ذكرناه من التواضع ففيه ثوابٌ أعظم من ثواب الجمع لا ريب، فساغ العدول عن الجمع إليه ونهض الهضْم علة للترك؛ وقوله: من " الهضْمية " صوابه من " الهضْم " إذ الهضمية الحال المتعلقة بالهضم أعني: الكون هضما، كما أنَّ " العالميّة " الحال المتعلقة بـ " العالم " أعني: الكون عالما، ونحن لم نجعل العلَّة الكون هضما بل نفس الهضم، فإن أجاب بتجوّزٍ أو تقدير قلنا: لا حاجة لما يحوج لذلك مع أنه خلاف الاختصار.

ثُمَّ قال المعترض أيضا ما نصّه: " ومع ذلك فالباء في قوله: " بأنَّ 000 إلخ " إمَّا للتعدية وهو باطل لامحالة، أو للسَّببيّة بمنزلة لام العلَّة للترك، فهي إمَّا علَّة ثانية للترك وهو باطل؛ لأنه قطعا من الأمور ذوات البال، فإن أريد أنه ليس من مهمات ذوات البال مُنع بأنَّ الأمر ذا البال في الحديث نكرة فيعمّ كل فرد، وإمَّا علَّة للعلَّة وبطلانه ظاهرُ البيان لعدم التئام الكلام، فتأمّله بالانصاف وعليك منّي السَّلام " انتهى كلامه.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير