تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إن تأسيس "مجالس القرآن"، والسلوك إلى الله عبر مَدَارِجِهَا الربانية، واتخاذها مدارسَ لِتَلَقِّي حقائق الإيمان، وأخلاق القرآن، والترقي بمعارج العلم بالله والمعرفة به؛ لهو المفتاح الرئيس للولوج إلى مدرسة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والسير على خطاه في تجديد الدين، ومنهاج الدعوة إلى رب العالمين!

ولعلك تَتَقَالُّ هذا العمل إلى جانب ما ترى في الساحة الإسلامية من كثرة المناهج والبرامج والخطط، والهياكل والأشكال والألقاب، مع غفلة شبه تامة عن موارد القرآن! فتتساءل: أيمكن أن يكون كل هذا العجيج والضجيج على غير صواب في المنهج؟ ولكننا نقول لك كلمة واحدة: إن القرآن وبياناته النبوية في هذا الدين هي كل شيء! نعم هي كل شيء! وإننا نعيش اليوم أزمة خفية في تحديد مفهوم "الدين! " تترتب عنها أزمة أخرى في تحديد مسلكه ومنهاج تجديده!

ومن قَبْلُ تَقَالَّ رجالٌ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عبادتَه لربه، فرغبوا في الزيادة على مقادير سنته؛ فغضب من ذلك، وقال: (مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي!) (متفق عليه. ونصه: عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قالَ: (جَاءَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا! فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ! قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَداً! وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلاَ أُفْطِرُ! وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلاَ أَتَزَوَّجُ أَبَداً! فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِمْ فَقَالَ: "أَنْتُمْ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا؟ أَمَا وَاللهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ! لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي!)) والعبرة بعموم اللفظ في كل من خالف النبي صلى الله عليه وسلم، وسار على غير منهاجه، في الدين والدعوة جميعاً!

إن القرآن المجيد مع بياناته النبوية هو كل شيء! وهو - في مسلك الدعوة إلى الله - البرنامج والمنهاج، بما للكلمتين من معنى! فَعَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ رضي الله عنه قَالَ: (خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "أَبْشِرُوا! أَبْشِرُوا! .. أَلَيْسَ تَشْهَدُونَ أَنَّ لاَ إِلَهَ إِلا اللهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ؟ " قَالُوا: بَلَى! قَالَ: "إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ سَبَبٌ [أي: حَبْلٌ] طَرَفَهُ بِيَدِ اللهِ، وَطَرَفَهُ بِأَيْدِيكُمْ! فَتَمَسَّكُوا بِهِ! فَإِنَّكُمْ لَنْ تَضِلُّوا وَلَنْ تَهْلَكُوا بَعْدَهُ أَبَداً!) (رواه الطبراني في الكبير، وابن حبان في صحيحه، والبيهقي في شُعَبِهِ، وعبد بن حميد في المنتخب. وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة، وصحيح الترغيب) والأحاديث الصحيحة في هذا المعنى كثيرة وفيرة! وماذا يكون معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ!) (رواه البخاري) إذا لم يكن تعلمَ آياته، وأحكامه، وحِكَمِهِ، وتزكية النفس به، والدعوة إليه وبه؟ على ما هو مقرر في غير ما موطن من كتاب الله، في بيان وظائف النبوة الثلاث: ?لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ! ? (آل عمران: 164)

وإن مجلساً ينعقد لهذا الهدف العظيم - بصدق وإخلاص - لهو حلقة من حلقات الصِّديقين! ومشكاةُ نورٍ مستمدةٌ من مصباح سيد المرسلين! مُتَّحِدٌ مع قافلة الربانيين، من أوائل المؤمنين، من عهد نوح – عليه السلام - إلى خُلَّصِ الحواريين، إلى أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ثم من تبعهم من الدعاة المخلصين، رضوان الله عليهم أجمعين! سلسلة واحدة بعضها من بعض!

فيا شباب الإسلام!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير