تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

هذا نداء الله فمن يجيبه؟ ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ! ? (الأنفال: 24) وأي حياة أعظم للنفس وللأمة من حياة القرآن؟ وكيف لا؟ وقد جعل الله "الرُّوحَ" اسماً من أسماء القرآن! قال جل جلاله: ?وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ! ? (الشورى: 52) وقال سبحانه: ?يُنَزِّلُ الْمَلاَئِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاتَّقُونِ! ? (النحل: 2) وقال عز وجل: ?رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاَقِ! ? (غافر: 15) وجمهور المفسرين على أن المقصود بلفظ "الروح" في هذه الآيات إنما هو الوحي والقرآن! وكفى بذلك دلالةً على سره الإحيائي العجيب!

إن نداء الدعوة بالقرآن هو نداء عام في كل مسلم ومسلمة، بمعنى أنه لا يلزم أن يكون الداعية به، أو المنخرط في مدرسته، والعاقد لمجالسه، والمكابد لتكاليفه، من أهل العلم المتخصصين به! رغم أن حضور العلماء في الإشراف على مسيرته الدعوية ضرورة شرعية! بل يجوز أن يكون الداعية المنخرط في مدرسة القرآن، مختصا بعلم آخر من العلوم الإنسانية أو الطبيعية، كالهندسة، والطب، والفلك، والرياضيات، أو علوم الأرض والحياة وغيرها .. وربما كان تقنيا في هذا الفن أو ذاك، أو كان تاجراً، أو فلاحاً، أو صاحب صناعة، أو ربما كان ما كان! فيكفي أن يحوز على رصيد من العلم بالعربية، يكفيه لفهم خطاب القرآن على الإجمال. وله - بعد ذلك - في كتب التفسير، وفي إرشاد أهل العلم، ما يسدد خطوه في التدرج بمنازل القرآن، والترقي بمعارجه الإيمانية؛ حتى يكون من الْمَهَرَةِ به، تلاوةً وتعبداً وبلاغاً! قال رب الرحمة جل ثناؤه: ?وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ! ? (القمر: 17، و22، و32، و40).

وإنما كان المخاطَبون بهذا القرآن في البدء قوماً أميين، لا يكتبون ولا يقرؤون! ولا معرفة لهم حتى بمبادئ العلوم، بَلْهَ تخصصاتها المعقدة! وإنما كانوا على فطرة صافية من اللسان العربي، تلقوا بها كلمات الله؛ فجعلت منهم خير أمة أخرجت للناس! وتلك خاصية هذا القرآن العظيم، وهي مستمرة إلى يوم الدين! قال تعالى: ?هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ! ? (الجمعة: 2)

تلك حقيقة القرآن المجيد! فمن يتلقَّى رسالاتها؟ مَنْ يُسْلِمُ نفسَه لله فَيَدْخُلُ في ابتلاءاتها؟ مَنْ ينطلق في الناس ببلاغاتها، ويبادر إلى عقد مجالسها؟ ويجدد عُمْرَانَ روحِه بِلَبِنَاتِهَا وبركاتها؟ من يُطَهِّرُ نَفْسَهُ بأنوارها وأمطارها؟ من يجاهد حزبَ الشيطان ببوارقها؟ من يتجرد لها فيكون من أهلها ورجالها؟ ولَعَسَاهُ يكون من أهل الله وخاصته؛ بمكابدة آياتها! وإنما: (أهلُ القرآن هم أهل الله وخاصته!) (رواه أحمد والنسائي وابن ماجه والحاكم، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 2165)

فيا عبد الله بحق! هذا زمانك قد أتى! فحتى متى الانتظار؟ .. حتى متى؟ وإلى متى .. ؟

ذلك، وإنما الموفَّق من وفقه الله!

وإنما الموفق من وفقه الله

لا إله إلا الله محمد رسول الله

ـ[كرم مبارك]ــــــــ[14 - 06 - 2009, 04:28 ص]ـ

إن تأسيس "مجالس القرآن"، والسلوك إلى الله عبر مَدَارِجِهَا الربانية، واتخاذها مدارسَ لِتَلَقِّي حقائق الإيمان، وأخلاق القرآن، والترقي بمعارج العلم بالله والمعرفة به؛ لهو المفتاح الرئيس للولوج إلى مدرسة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والسير على خطاه في تجديد الدين، ومنهاج الدعوة إلى رب العالمين!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير