تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ)، فما فضل به من القوة والشكيمة قد تخلى عنه طواعية!، وما فضل به من الإنفاق قد رضي، وربما اضطر، لأن تقتسمه معه امرأته بعمل لا يقوم به إلا الرجال لعظم مخاطره وعدم ملاءمته لطباع المرأة بأي وجه من الوجوه، فهي مهنة مظنة الشغب والعراك كما هو المعهود في زماننا.

والاضطرار في مثل هذا الموضع ليس بعذر وإنما هو نظر بعين القدر التي لا تغير حكم الشرع، فهو حكاية واقع مرير: قلت فيه الديانة، وقلت فيه المروءة، وقل فيه المال الذي يقي النسوة شر مزاحمة الرجال، فتقدم هذه التجارب على أنها تجارب رائدة في إطار المنافسة بين الجنسين!، وغايتها أن تكون من باب: مكره أخاك لا بطل، إن نظر إليها، كما تقدم، بعين القدر، فالشرع لا يقرها بحال، وإنما يلتمس العذر بقدر الظرف الذي اضطر المرأة إلى هذا الوضع المزري، فبعض النساء هن العائلات فعلا لأسرهن، لعدم وجود الرجل القادر على الكسب، وبعض النساء قد ابتلين بأشباه رجال برسم الأزواج وليس لهم من الرجولة إلا وصف الذكورة، فربما أجبروا نساءهن على العمل ولو في أعمال مختلطة ليستولوا على أموالهن ظلما وعدوانا، وهذا الأنموذج هو الذي أعطى الذريعة لكثير من الحركات النسائية المنحرفة التي تصطاد في الماء العكر لتفسد النساء وتعزز خلق التمرد والخروج عن المألوف في أنفسهن، برسم المساواة واستخلاص الحقوق التي اغتصبها الرجال فصار الميدان: ميدان منافسة ومناطحة، وصارت النسوة يتباهين بطرد الرجال من وظائفهم واحتلال أماكنهم، فتلك نماذج فريدة يراد تسويقها إعلاميا لضرب الأسرة المسلمة في مقتل، فإن اضطرت واحدة، فليس الكل بمضطر، فتعميم حالات فردية نادرة، والنادر لا حكم له، لتصير هي القاعدة المطردة: مسلك خبيث نجح إلى حد كبير في تغيير التصور العام للمجتمع المسلم، فصار عمل الزوجة أمرا مقبولا، بل بعض الرجال يشترطه، ولو كان قادرا على الإنفاق، فهو عرف اجتماعي عام، مع مصادمته لأحكام الشريعة السماوية والفطرية الإنسانية، وعدم الزواج أفضل من الزواج وقد غلب على ظن الزوج التفريط في حق زوجه، بل استعمالها في مراحل تالية كوسيلة لكسب المال بإجبارها على العمل والإنفاق كما يقع من كثير من ذكور زماننا!.

ولكي يتغير هذا التصور العام فيعود كل إلى أصله الأول فيعود الرجل إلى سابق رجولته وتعود المرأة إلى سابق أنوثتها ورقتها، لكي يقع ذلك، فإنه لا بد من وقت تعمل فيه سنة التغيير الكونية إن أحسن أفراد الجماعة المسلمة الأخذ بأسبابها، وهي عملية بطيئة عسيرة، ربما كان تغيير الجلد أيسر منها، فأصعب شيء، لا سيما في زماننا تغيير الأخلاق، وتأمل من كان، على سبيل المثال، سريع الغضب، لو طلب منه أن يكون حليما كيف سيستغرق من الزمن مجاهدة لطبعه ليكظمه، وكم مرة سيفشل حتى يظهر أثر جهاده لنفسه، وهو أمر ينسحب على كل الأخلاق الذميمة التي ابتلي بها جيلنا، والتي ابتليت بها الجماعة المسلمة، ولعل النوازل التي تحل بين حين وآخر، كنازلة الأقصى الأخيرة تبرز مدى افتقار المسلمين إلى خطة تغيير طويلة الأمد، لا سيما على مستوى الأفراد، فهي بمنزلة الكاشف لستر المسلمين الظاهر في لحظات العافية وما أقلها في زماننا فتأتي النازلة لتبدي لك ما كنت جاهلا من العيوب والمساوئ.

ومن تاريخنا أيضا:

تسلط أم السلطان إبراهيم الأول الملقب بالمجنون!، وهو اسم على مسمى لمن طالع طرفا من سيرته العجيبة، وقد كانت، أيضا، سببا في تلف ابنها، بل حملته على قتل الصدر الأعظم، رئيس وزراء خلافته، لأنه أقدم على قيادة جيوش المسلمين برسم الجهاد لفتح مسقط رأسها، وهو جزيرة كريت اليونانية، فقد كانت نصرانية من سبي تلك الجزيرة، فيذهب الرجال الأكفاء ضحايا لحقد النساء، وهو هنا، حقد ديني، وليس مجرد غيرة نسائية، ولعل فيه عبرة ليحسن الرجال اختيار الأرحام التي ستحمل بذرهم، فأين رحم تلك اليونانية، من أرحام نساء حملن سلاطين بني عثمان الأوائل من أمثال سليمان القانوني وأبيه السلطان المرعب: سليم الأول، ومن قبلهم محمد الفاتح، رحمه الله، ومن عجب أن أمه كانت، أيضا، نصرانية، ولعلها كانت من نجائب بنات النصارى فحمل الفاتح عنها نجابتها وسلم من شر

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير