تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ديانتها الباطلة.

وأما صبح أم الخليفة هشام المؤيد، أم ولد الخليفة الحكم المستنصر الأموي الأندلسي، رحمه الله، فقد كان لها هي الأخرى ما لأم إبراهيم المجنون من دور بارز في إفساد ولدها حتى شب على حب اللهو والغناء ومجالسة النساء والعزوف عن مجالس الحكم والسياسة التي لا يليق بها إلا الرجال الأشداء، ولم يكن له في ذلك نصيب، فاستبد الحاجب المنصور، رحمه الله، بالأمر، ومنه بعده ابنه الحاجب المظفر، ومن ثم انفرط عقد دولتهم، وظهر جيل من الخلفاء الضعفاء، فلم يظهر أموي يعتد به بعد الحكم المستنصر المتوفى سنه 366 هـ إلى أن سقطت خلافة بني أمية الزاهرة في دورها الثاني في الأندلس في سنة 422 هـ أو قريبا منها، وظهرت دويلات الطوائف على أنقاضها، إذ لم تكن ثم محاضن لرجال من أمثال الداخل والناصر رحمهما الله. فكان لامرأة أهملت شأن ولدها دور في هذا الانهيار المفاجئ لخلافة زاهرة امتدت قرابة ثلاثة قرون!، فأي دور للنساء في حفظ البيوت بل والممالك من الانهيار والزوال؟!.

وقل مثل ذلك في شجرة الدر، مع إظهارها نوعا من الكفاءة، ولكنها لم تكن أهلا شرعا أو عرفا أو فعلا لتولي قيادة دولة كدولة الأيوبيين في مصر، ووقع من جراء غيرتها النسائية بعد ذلك شر عظيم حتى بعث الخليفة العباسي المستنصر بالله رحمه الله أو ابنه المستعصم فلا يحضرني أيهما كان سيدها بملك اليمين قبل أن تصبح سيدة مصر الأولى!، إلى أهل مصر موبخا، فإن لم يكن فيهم رجال أكفاء فسيبعث إليهم من يسوسهم من الرجال، فذلك خير من سياسة النساء، ولم يستقر الأمر وتظهر أمارات الصلاح إلا بعد تولي السلطان سيف الدين قطز، رحمه الله، الأمر بعد مقتل شجرة الدر فكان ما كان من تدبيره العظيم وكسر شوكة المغول في عين جالوت، وما أظن شجرة الدر كانت تقدر على ذلك والله أعلم!.

ولا بد أن يوجد بمقتضى سنة الرب، جل وعلا، الكونية النافذة، رجل يفوق كل النساء في الكفاءة والديانة، وإن فاقت نسوة كثيرات أمما من الرجال في ذلك، ولكن يبقى الفضل، بحكم الشرع، للرجال، ولا أدل على ذلك من اختصاصهم بأكمل وأرفع المناصب البشرية: منصب النبوة، فهو مظنة كمال الديانة والعقل والجسم، وليس ذلك للمرأة دون الرجل، فالشرع والعقل والحس شاهد بضد ذلك.

ومن تاريخ الرجال اسما ومسمى!:

غيرة الخليفة العباسي الهمام، مع قصر مدة خلافته، الخليفة الهادي بالله العباسي، رحمه الله، الابن الأكبر للمهدي، رحمه الله، والأخ الأكبر للخليفة العظيم: هارون الرشيد، رحمه الله، فقد كان الهادي معروفا بشجاعته الباسلة حتى أثر عنه ركوب الخيل بلا سرج، وقتله لخارجي أراد الفتك به بعد صلاة الفجر، فقام بتصفيته، كما يقال في زماننا، بيديه العاريتين دون حاجة إلى معونة من الحرس الرئاسي!، والشاهد أن ذلك الرجل الشديد الخَلق والخُلق، كان شديد الغيرة على أمه الخيزران، وكانت امرأة ذات عقل، ولها كانت تكثر التدخل في شئون الحكم، فخاطبها يوما في كلمة مشهورة معناها: الإنكار عليها فلا مصحف لها لتقرأ فيه، ولا مغزل لها لتخيط به، فلو وجدت عملا نافعا يليق بالنساء ما شغلت نفسها بأمور الرجال، وإنما تتعلم المرأة التعليم الملائم لها، دينيا كان أو دنيويا، لتربي أولادها وتفيد بنات جنسها قدر الاستطاعة، فلا يكون ذلك على حساب فرضها الأول وهو النظر في شأن بيتها، لا لتقصي الرجال عن منصب القيادة الذي يتولاه الرجال، إن كان قد بقي ثم رجال، برسم الشرع والكون، فالرب، جل وعلا، قد ولاهم القيادة: الخاصة في الأسرة، و: العامة في الممالك والدول، وأعطاهم من الخصائص الكونية ما يلائم ذلك كما تقدم.

وعموما فإن قلة الغيرة في الشأن الخاص، تنعكس على قلة الغيرة في الشأن العام، ولعل ذلك سبب من أسباب ردود الأفعال الباردة لنا عموما، وللحكام خصوصا، تجاه النوازل العامة، كنازلة الأقصى الكائنة الآن، والله أعلم متى تنتهي وإلى ماذا ستنتهي، فهي من الأمارات الظاهرة على قلة الغيرة والدياثة التي أصابتنا جميعا، على تفاوت بيننا، فهناك من أصيبت غيرته الإيمانية في مقتل فلا يعنيه الأمر ابتداء، فشغله الشاغل: الحفاظ على سلطانه سواء أكان سلطانا خاصا أم سلطانا عاما ابتلى الله، عز وجل، به المسلمين الذي يرزحون تحت ولايته الجائرة.

ولا يسع المرء في هذا المقام إلا أن يدعو الله، عز وجل، أن يزيد امرأة رئيس وزراء كيان يهود اللقيط عليه تسلطا، وأن يفسد ذات بينهما، فذلك، مما يخفف الوطأة عن الموحدين، ويفسد رأي أعدائهم، فتسلط امرأة كهذه على قررات كيانهم مظنة التخبط والاضطراب.

وفي المقابل رابطت نساء المقدسيين في الأقصى بعد منع الرجال، وصرح أحد كبار قادة الحركة الإسلامية في بيت المقدس بأنه واثق من قدرة النساء المقدسيات على رد العدوان الذي يخطط له اليهود هذه الآيام مع نهاية شهر مارس وهو موعد عيد الفصح فضلا عن مواكبته لما يعرف زورا بمؤتمر القمة العربية، الذي سينعقد ابتداء من السبت القادم، وتصدي النساء لمهام الرجال، دليل آخر على الفارق الشاسع في القدرات تبعا لطبيعة النشأة وطريقة التربية فالابتلاءات تصنع من النساء نماذج تفوق كثيرا من الرجال الذين شبوا في أحضان العافية، ولله، عز وجل، سنن كونية محكمة، فلا يستوي المبتلى الشديد والمعافى اللين، لا يستويان في الشدة والجلد والقدرة على تحمل المصاعب والتصدي للنوازل والمصائب.

والله أعلى وأعلم.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير