تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[أبو همام الطنطاوي]ــــــــ[09 - 04 - 2010, 12:24 ص]ـ

الحمد لله وبعد

الباب الأول

في النية والإخلاص•

الإخلاص بكسر الهمزة مصدر أخلص. قال الراغب في «مفرداته»: الإخلاص التعرّي عما دون الله تعالى، ا هـ. وقال الأستاذ أبو القاسم القشيري: الإخلاص إفراد الحقّ سبحانه وتعالى في الطاعات بالقصد، وهو أن يريد بطاعته التقربّ إلى الله تعالى دون شيء آخر من تصنع لمخلوق واكتساب محمدة عند الناس أو محبة مدح من الخلق أو معنى من المعاني سوى التقرّب إلى الله تعالى. قال: ويصح أو يصلح أن يقال: الإخلاص تصفية العمل عن ملاحظة المخلوقين (وإحضار النية في جميع الأعمال والأقوال والأحوال البارزة) أي: الظاهرة (و) الأعمال والأقوال والأحوال (الخفية). والنية واجبة أول كل فعل شرعي لتوقف صحته عليها، ودوام استحضارها إلى آخره سنة محبوبة، وأما التروك كترك نحو الزنى فلا يتوقف عليها، نعم لا بد في حصول الثواب من قصد الترك على وجه الامتثال، وإنما وجبت النية في الصوم مع أنه من باب التروك لأنه ملحق بالأفعال إذ القصد منه قمع النفس عن معتاداتها وقطعها عن عاداتها.

الإخلاص أول أدب ينبغي أن يتحلى به طالب العلم

يقال تمام الإخلاص تجنب المعاصي.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: عَقَبَةُ الْإِخْلَاصِ عَقَبَةٌ كَئُودٌ لَكِنْ بِهَا يُنَالُ الْمَطْلُوبُ وَالْمَقْصُودُ نَفْعُهَا كَثِيرٌ وَقَطْعُهَا شَدِيدٌ وَخَطَرُهَا عَظِيمٌ كَمْ مَنْ عَدَلَ عَنْهَا فَضَلَّ وَمَنْ سَلَكَهَا فَدَلَّ

وَالْإِخْلَاصُ إخْلَاصَانِ إخْلَاصُ عَمَلٍ وَإِخْلَاصُ طَلَبِ أَجْرٍ، فَالْأَوَّلُ إرَادَةُ التَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَتَعْظِيمُ أَمْرِهِ وَإِجَابَةُ دَعَوْته وَالْبَاعِثُ عَلَيْهِ الِاعْتِقَادُ الصَّحِيحُ وَضِدُّهُ إخْلَاصُ النِّفَاقِ وَهُوَ التَّقَرُّبُ إلَى مَنْ دُونَ اللَّهِ تَعَالَى

لَا بُدَّ مِنْ الْإِخْلَاصِ لِتَنَالَ الْخَلَاصَ، وَإِلَّا وَقَعْت فِي قَيْدِ الْأَقْفَاصِ، {وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ}.

قال ابن تيمية

من ذاق طعم إخلاص لله وارادة وجهه دون ما سواه يجد من الأحوال والنتائج والفوائد ما لا يجده من لم يكن كذلك بل من اتبع هواه في مثل طلب الرئاسة والعلو وتعلقه بالصور الجميلة أو جمعه للمال يجد في أثناء ذلك من الهموم والغموم والأحزان والآلام وضيق الصدر ما لا يعبر عنه وربما لا يطاوعه قلبه على ترك الهوى ولا يحصل له ما يسره بل هو في خوف وحزن دائما ان كان طالبا لما يهواه فهو قبل ادراكه حزين متألم حيث لم يحصل فإذا أدركه كان خائفا من زواله وفراقه وأولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون فإذا ذاق هذا أو غيره حلاوة الاخلاص لله والعبادة وحلاوة ذكره ومناجاته وفهم كتابه وأسلم وجهه لله وهو محسن بحيث يكون عمله صالحا ويكون لوجه الله خالصا فإنه يجد من السرور واللذة والفرح ما هو أعظم مما يجده الداعي المتوكل الذي نال بدعائه وتوكله ما ينفعه من الدنيا أو اندفع عنه ما يضره فإن حلاوة ذلك هي بحسب ما حصل له من المنفعة أو اندفع عنه من المضرة ولا أنفع للقلب من التوحيد واخلاص الدين لله ولا أضر عليه من الاشراك فإذا وجد حقيقة الاخلاص التي هي حقيقةاياك نعبدمع حقيقة التوكل التي هي حقيقة اياك نستعين كان هذا فوق ما يجده كل أحد لم يجد مثل هذا والله أعلم

وقال مقام الإخلاص وهو أن يعمل العبد على استحضار مشاهدة الله إياه واطلاعه وقربه منه فإذا استحضر العبد هذا في عمله وعمل عليه فهو مخلص لله تعالى لأن استحضاره ذلك في عمله يمنعه من الالتفات إلى غير الله وإرادته بالعمل

قال ابن القيم

فصل عاقبة الإخلاص لله

قوله فمن خلصت نيته في الحق ولو على نفسه كفاه الله ما بينه وبين الناس ومن تزين بما ليس فيه شانه الله هذا شقيق كلام النبوة وهو جدير بأن يخرج من مشكاة المحدث الملهم وهاتان الكلمتان من كنوز العلم ومن أحسن الإنفاق منهما نفع غيره وانتفع غاية الانتفاع فأما الكلمة الأولى فهي منبع الخير وأصله والثانية أصل الشر وفصله فإن العبد إذا خلصت نيته لله تعالى وكان قصده وهمه علمه لوجهه سبحانه كان الله معه فإنه سبحانه مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ورأس التقوى والإحسان خلوص النية لله في إقامة الحق والله سبحانه لا غالب له فمن كان معه فمن ذا الذي يغلبه أو يناله بسوء فإن

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير