تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ثبت تحمله عنه قبل اختلاطه فأمن شر تخليطه، واحتاطوا في رواية من تغير وإن لم تكن روايته كرواية من اختلط بالكلية، فالتغير: تلف جزئي في خلايا الذاكرة بخلاف الاختلاط فهو تلف كلي لا يرجى علاجه، إلا أن يشاء الرب، جل وعلا، ذلك، والسنة الكونية شاهدة لامتناع ذلك، كما في حديث أسامة بن شريك، رضي الله عنه، مرفوعا وفيه: "تَدَاوَوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ الْهَرَمُ"، ولا يمتنع مع ذلك الشفاء إن أراد الرب، جل وعلا، خرق السنة الكونية آية أو كرامة، وقد أصلح الله، عز وجل، لزكريا، عليه السلام، زوجه بعد صيروتها عجوزا مع كونها ابتداء: عقيما لا تلد، فذلك بقياس العقل من المحال الذاتي، فخرقه لا يكون إلا آية لنبي كريم كزكريا عليه السلام، فلا يرجى بمقتضى السنة الكونية النافذة شفاء الجزء التالف من الذاكرة البشرية، وإنما غاية الأمر أن يعزل الجزء التالف عن بقية أجزاء الذاكرة، فيتناول المريض الدواء استبقاء للخلايا الصحيحة وعزلا للخلايا التالفة، تماما كما يفعل مرضى الكبد، فإن الجزء التالف بتليف أو نحوه تتسع دائرته بمرور الأيام، لا سيما إن كان الإنسان مخلطا في طعامه، فلا يتبع نظاما غذائيا يلائم حالات الكبد المرضية، فيتناول الأطعمة الدسمة، والأطعمة البروتينية المعقدة، والشاي والقهوة ...... إلخ، فغاية العلاج أن يعزل الجزء التالف، فلا تنتقل العدوى منه إلى بقية الأجزاء السليمة، ويحافظ الإنسان في نفس الوقت على الجزء السليم بالحمية الغذائية والدوائية المناسبة لحالته، فلكل حالة ما يلائمها بالنظر إلى تقدم الحالة أو تأخرها، والشافي هو الله، عز وجل، وإنما يباشر المريض أسباب العلاج برسم التوكل بمباشرة الأسباب الشرعية والكونية المعتبرة مع تمام التسليم والانقياد للقدر الكوني النافذ، فذلك وصف المسددين، وما أقلهم في هذا الباب الجليل من جهة العمل، وإن كثر العالمون بحدوده ودقائقه، فالمعرفة شيء والعمل شيء آخر، والمسدد من سدده الرب جل وعلا.

ويبقى دور المعالج وهو العقل وهو الموجود في القلب بنص الكتاب العزيز: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا)، وذلك ما حير أهل الطب الذين كانوا يجزمون بوجوده في المخ، ثم أظهرت الدراسات الحديثة أن العقل موجود في القلب، فإن النبضات العصبية التي تتحكم في ردود أفعال الإنسان بإصدار الإشارات الكهربية من المخ إلى سائر الأعضاء لتقوم بمهامها، إنما تنشأ في القلب، فهرمون التوازن هو المسئول عن ذلك، ومن ثم تنتقل هذه الإشارات عبر العصب الشوكي إلى المخ ليصدر إشاراته الكهربية إلى سائر الأعضاء برسم تنفيذ المهام المنوطة بها من سمع أو بصر أو بطش باليد أو سير بالقدم أو تقطيع ومضع بالفك والأسنان ....... إلخ، فعمل المعالج الحاسوبي يحاكي عمل المعالج القلبي، فإنه يصدر سلسلة من الأوامر إلى المواد المختزنة على القرص الصلب، فإذا أراد الإنسان سماع مادة صوتية أو مرئية، أو كتابة مستند ..... إلخ فإن نسخة من البرنامج المشغل تنتقل إلى الذاكرة المؤقتة، ومن ثم تجري عليها عمليات المعالجة، فإذا أراد الإنسان حفظها، بعد معالجتها معرفيا، فهي كما تقدم علوم مختزنة يقوم المعالج باستنباط المعارف منها عن طريق معالجتها بما أودع فيه من قوى التحليل والاستنتاج، فإذا أراد الإنسان حفظها فإنه يستعمل أمر الحفظ فتنتقل المادة المستنبطة من حيز الحفظ المؤقت في الذاكرة الإلكترونية إلى حيز الحفظ الدائم على القرص الصلب.

والشاهد أن المعالج البشري يوجد في القلب لا المخ كما تصور كثير من الأطباء قبل هذه الدراسة، ومن ضمن ما ورد فيها، وهو، أيضا، شاهد لدور القلب الرئيس في عملية التحليل والتفكير، من ضمن ذلك:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير