تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

2 - وذهب جماهير من السلف والخلف وأئمة المسلمين إلى أنها مشتملة على ما يحتمل رسمها من الأحرف السبعة فقط جامعة للعَرْضة الأخيرة التي عرضها النبي صلى الله عليه وسلم على جبريل متضمنة لها لم تترك حرفاً منها قال ابن الجزري: وهذا هو الذي يظهر صوابه.

ويجاب عن الأول بما ذكره ابن جرير: أن القراءة على الأحرف السبعة لم تكن واجبة على الأمة وإنما كان جائزاً لهم ومرخصاً لهم فيه فلما رأى الصحابة أن الأمة تفترق وتختلف إذا لم يجتمعوا على حرف واحد اجتمعوا على ذلك اجتماعاً شائعاً وهم معصومون من الضلالة ولم يكن في ذلك ترك واجب ولا فعل حرام ولا شك أن القرآن نسخ منه في العَرْضة الأخيرة وغُيِّر فاتفق الصحابة على أن كتبوا ما تحققوا أنه قرآن مستقر في العرضة الأخيرة وتركوا ما سوى ذلك (10).

أخرج ابن أشته في [المصاحف] وابن أبي شيبة في فضائله من طريق ابن سيرين عن عَبيدة السلماني قال (القراءة التي عُرضت على النبي صلى الله عليه وسلم في العام الذي قُبض فيه هي القراءة التي يقرؤوها الناس اليوم).

وأخرج ابن أشته عن ابن سيرين قال (كان جبريل يعارض النبي صلى الله عليه وسلم كل سنة في شهر رمضان مرة فلما كان العام الذي قُبض فيه عارضه مرتين فيرون أن تكون قراءتنا هذه على العرضة الأخيرة).

وقال البغوي في شرح السنة: يقال: إن زيد بن ثابت شهد العرضة الأخيرة التي بُيّن فيها ما نسخ وما بقي وكتبها لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقرأها عليه وكان يقرئ الناس بها حتى مات وكذلك اعتمده سيدنا أبو بكر وسيدنا عمر في جمعه، وولاه سيدنا عثمان كتب المصاحف (11).

سابعاً- بعض الشبهات على الموضوع والرد عليها:

أ- الشبهة الأولى:

يقولون: إن المراد بالأحرف السبعة هي القراءات السبع المنقولة عن الأئمة السبعة المعروفين عند القراء.

الرد عليهم: ينبغي أن لا يتوهم متوهم في قوله صلى الله عليه وسلم (أنزل القرآن على سبعة أحرف) أنه منصرف إلى قراءة سبعة من القراءة الذين ولدوا بعد التابعين لأنه يؤدي لأن يكون الخبر عارياً عن الفائدة إلى أن يولد هؤلاء الأئمة السبعة فيؤخذ عنهم القراءة ويؤدي أيضاً إلى أنه لا يجوز لأحد من الصحابة أن يقرأ إلا بما يعلم أن هؤلاء السبعة من القراء إذا وُلدوا وتعلموا اختاروا القراءة به وهذا تجاهل من قائله وإنما ذكرت ذلك لأن قوماً من العامة يقولونه جهلاً ويتعلقون بالخبر ويتوهمون أن معنى السبعة الأحرف المذكورة في الخبر: اتباع هؤلاء الأئمة السبعة وليس ذلك على ما توهموه بل طريق أخذ القراءة أن تؤخذ عن إمام ثقة لفظاً عن لفظ إماماً عن إمام إلى أن يتصل بالنبي صلى الله عليه وسلم والله أعلم بجميع ذلك (12).

ب- الشبهة الثانية:

يقولون: إن أحاديث نزول القرآن الكريم على سبعة أحرف تثبت الاختلاف مع أن القرآن نفسه ينفي الاختلاف بقوله تعالى: أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً [النساء: 82] وذلك تناقض ولا ندري أيهما الصادق.

الرد على الشبهة:

إن الاختلاف الذي تثبته الأحاديث غير الذي ينفيه القرآن وعلى هذا كلاهما صادق إذ أن الاختلاف الذي تثبته الأحاديث فيما يتعلق بطرق الأداء والنطق بألفاظ القرآن في دائرة محدودة لا تعدو سبعة أحرف وبشرط التلقي فيها كلها عن النبي صلى الله عليه وسلم فعلى هذا يكون الاختلاف في الأحاديث بمعنى التنويع.

أما القرآن فينفي التناقض بين أحكامه ومعانيه وتعاليمه مع ثبوت التنويع في التلفظ والأداء (13) وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله العظيم على سيدنا محمد إمام الأنبياء والمرسلين وأكرم الأولين والآخرين على رب العالمين وعلى آله وصحبه وسلم حق قدره ومقداره العظيم.

بقلم: عبد الرؤوف بادنجكي

المصادر والمراجع

1 - القرآن الكريم

2 - الإتقان في علوم القرآن للسيوطي – ط: دار ابن كثير – دار العلوم الإنسانية – دمشق.

3 - التبيان في علوم القرآن – محمد علي الصابوني – ط: دار الجيل: بيروت.

4 - المعجم الوسيط – مجمع اللغة العربية – ط: مكتبة النوري: دمشق

5 - النشر في القراءات العشر – للإمام ابن الجزري – ط: دار الكتاب العربي: بيروت.

6 - صحيح البخاري – الإمام البخاري - ط دار ابن كثير: دمشق، طبعة جديدة، وهو مجلد واحد.

7 - صحيح مسلم بشرح النووي، ط دار إحياء التراث العربي: بيروت.

8 - علوم القرآن الكريم – د. نور الدين عتر – ط: دار الخير: دمشق.


(1) الحديث أخرجه الإمام البخاري في كتاب فضائل القرآن باب أنزل القرآن على سبعة أحرف رقم الحديث [4992] رقم الصفحة [1276] ط دار ابن كثير وهو مجلد واحد، طبعة جديدة.
ورواه الإمام مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب أن القرآن على سبعة أحرف وبيان معناه رقم الحديث [1354] صحيح مسلم بشرح النووي 6/ 98 ط دار إحياء التراث العربي.
(2) الإتقان في علوم القرآن 1/ 45.
(3) رواه مسلم في كتاب المسافرين وقصرها باب أن القرآن على سبعة أحرف رقم الحديث [1357] صحيح مسلم بشرح النووي 6/ 103.
(4) رواه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة مسند عبد الله بن مسعود رقم الحديث [4031]
(5) النشر في القراءات العشر 1/ 22
(6) المعجم الوسيط 1/ 174، التبيان في علوم القرآن: 174، علوم القرآن الكريم: 136
(7) النشر في القراءات العشر 1/ 24
(8) النشر في القراءات العشر 1/ 24، 25، التبيان في علوم القرآن: 176
(9) النشر 1/ 26، 27، التبيان في علوم القرآن: 176 – 177 مع شيء من التصرف والتحقيق، علوم القرآن الكريم: 142 - 143
(10) النشر 1/ 31، 32، الإتقان في علوم القرآن: 1/ 157
(11) الإتقان في علوم القرآن: 1/ 157 – 158
(12) النشر في القراءات العشر 1/ 46، 47، التبيان في علوم القرآن: 181
(13) التبيان في علوم القرآن: 181 - 182
ـــــــــــــــــــــــــــ
(*): قرأت لك (منقول للفائدة)، 1428هـ.
والهدف من العرض أنه بمشاركة العقول يمكن كشف خطأ معقول.
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير