تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والجهاز العضلي يرتبط ارتباطا كبيرا بالهيكل العظمي.

قال الله تعالى: (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثمّ جعلناه نطفة في قرار مكين)

وهذا يتطلب ممن يقوم بكتابة برامج تصنيع الأجهزة المختلفة أن يراعي هذا التداخل الشديد بين هذه الأجهزة ويضمن توافق أحجامها ووظائفها عند تصنيع جسم الكائن. وبما أن كل خلية من خلايا الجسم المراد تصنيعه تقوم بتنفيذ جزء البرنامج الخاص بها حسب موقعها من الجسم وبشكل مستقل عن بقية الخلايا فإن هذا يتطلب أن تكون الأوامر الصادرة عنها في كل لحظة من لحظات تصنيع الكائن على درجة عالية من التنسيق والتزامن ليظهر الكائن الحي بالشكل المطلوب. وبما أنه لا يوجد أيّ نظام تحكم مركزي يعمل على التنسيق بين الخلايا أثناء انقسامها فإن عملية التنسيق هذه تتم بشكل غير مباشر من خلال الأوامر التي تصدرها بلايين الأشرطة الوراثية بشكل مستقل ولكن بتزامن منقطع النظير. ولولا هذا التقدير البالغ في كتابة برامج التصنيع لما أمكن لخلية واحدة أن تتحول إلى ملايين الأنواع من الكائنات الحية التي لا يوجد نوع منها يشبه النوع الآخر. إن عملية التحول العجيبة هذه نشاهدها كل يوم في بذور النباتات وهي تخرج من الأرض ملايين الأنواع من النباتات ونشاهدها في بيوض الأسماك والطيور والزواحف والحشرات التي تتحول في أيام أو أسابيع معدودة من مواد عضوية بسيطة إلى كائنات حية لا حصر لعدد أنواعها ونشاهدها في البويضات الملقحة التي تزرع في أرحام إناث الحيوانات فتتحول في أشهر معدودة إلى حيوانات بمختلف الأحجام والأشكال والألوان. ولقد وصف القرآن الكريم بإسلوب رائع رحلة الخلية الوحيدة وهي تتحول من خلال الانقسام المتكرر إلى مختلف الأطوار التي يمر بها تصنيع الإنسان في رحم أمه فقال عز من قائل "ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثمّ جعلناه نطفة في قرار مكين ثمّ خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثمّ أنشأناه خلقا ءاخر فتبارك الله أحسن الخالقين" المؤمنون 12 - 14.

أما خلق السموات والأرض فقد تم طبقا للنظريات العلمية الحديثة نتيجة لانفجار كوني عظيم انبثقت منه جميع مادة هذا الكون حيث كان الكون عند ساعة الصفر على شكل نقطة مادية غاية في الصغر لها درجة حرارة وكثافة غاية في الكبر. ويقول العلماء أن مادة الكون كانت عند بداية الانفجار مادة صرفة ذات طبيعة واحدة وتحكمها قوة طبيعية واحدة وكانت على شكل كرة نارية متجانسة بدأت تتمدد وتتسع بصورة مذهلة لتملأ الفضاء من حولها. وبعد هبوط درجة حرارة هذه المادة إلى (10 مرفوع للأس 28) أي 2810درجة كلفن بدأت الجسيمات الأولية البسيطة كالكواركات واللبتونات والفوتونات بالتشكل من هذه المادة الصرفة وبدأت كذلك قوى الطبيعية الأربعة التي كانت موحدة في قوة واحدة بالانفصال عن بعضها البعض. ومع استمرار تناقص درجة حرارة هذا الكون الناشئ إلى (10 مرفوع للأس 14) أي 1410درجة كلفن بدأت مكونات الذرة الأساسية من بروتونات ونيوترونات وإلكترونات بالتشكل من خلال اندماج أنواع الكواركات والليبتونات المختلفة مع بعضها البعض تحت تأثير القوى الطبيعية المختلفة.

يعتقد العلماء أن خلق الإنسان تم نتيجة انفجار كوني عظيم انبثقت منه جميع مادة الكون

ولقد وصف القرآن الكريم حالة الكون في هذه المرحلة بقوله تعالى "ثمّ استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين فقضاهن سبع سموات في يومين وأوحى في كلّ سماء أمرها وزيّنّا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم" فصلت 11 - 12. لقد كشفت هذه الآيات عن هذه الحقيقة الكبرى التي لم يكتشفها البشر إلا في القرن العشرين وهي أن الكون كان على شكل مادة دخانية في مرحلة نشؤه الأولى.

وقد أطلق العلماء على هذه السحابة من الجسيمات الأولية اسم الغبار الكوني بينما سماها القرآن الدخان وهي أدق من تسمية العلماء فالدخان يوحي بالحالة الحارة التي كان عليها الكون عند بداية خلقه.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير