تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومن هنا فالالتزام إنما يكون دائماً وأبداً بالمنهج الإسلامي .. بالفكرة .. بما شرعه الله لنا .. وليس الالتزام بالأشخاص، أو التنظيمات، أو الجماعات التي هي دائماً محل للخطأ والصواب والكارثة والخلل والأمراض والعلل تتسلل إلى الحياة الإسلامية من يد الإنسان المسلم، ومن ثم تكون العصمة الكاذبة التي تخلع على بعض الأشخاص والمبررات المضحكة التي توضع لتصرفاتهم وأخطائهم. وهذا بدأ مرحلة السقوط، حيث تبدأ عملية تخديم الأهداف والقيم، لا خدمتها، أو تستبد بهم حالات اليأس، أو تمارس عمليات الإرهاب الفكري، أو الفساد السياسي، فتفصَّل الأحكام على الأشخاص، وتوصَّل الحيل الشرعية حتى تصبح لها مؤلفات، وتؤوَّل الأحاديث والآيات على مقتضى الأهواء، ولا يجوز أن يظن أحد أن الدعوة إلى التزام المنهج مقياس وميزان للحق والباطل، وعدم الالتزام بالأشخاص الذين يخطئون ويصيبون ارتداد إلى الفردية .. وبعثرة للجهود، وابتعاد عن جماعة المسلمين كافةً، فهذا ليس من الأمور الاختيارية بالنسبة للمسلم، وإنما هو في حقيقته تصويب لمسيرة حياة المسلمين الجماعية، وإلغاء للإقطاعات البشرية من حياة الناس، والتزام بالإسلام الذي بيَّنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله:

فالاجتماع على المنهج وليس على الأشخاص والافتراق أيضاً على المنهج، وليس على الأشخاص، إلا في حالة العمى العقلي، وعدم الإبصار الصحيح، بسبب التعصب لفئة، أو شخص، أو عرق، أو قوم، أو في حالة عدم وجود العَزْمة الأكيدة على الالتزام بهذا الدين

المنهج الحق:

وإذا أردنا أن يتحقق للمسلمين ما يصبون إليه، وما يتطلعون إليه من العودة بالمسلمين إلى الإسلام الصحيح، فعلينا أن نسلك بهم طريق التعليم، والتربية، وتفقيه الشباب المسلم في دينه وتبصيرهم في ذلك حتى تزول تلك الشوائب التي علقت بالدين، ودعوته وتلك الرواسب التي أكل عليها الدهر وشرب، التي انحرفت بالمسلمين عن الجادة الصحيحة التي رسمها لهم الله عز وجل في كتابه المبين، وبينها رسول الهدى صلى الله عليه وسلم في سنته المطهرة، ولنا لأسوة حسنة في أولئك الدعاة المصلحين الذين أسسوا دعوتهم على عقيدة الإسلام، وبدءوا بتطهيرها من شوائب الشرك والخرافات.

الأمر الذي تحقق بسببه رفع راية التوحيد خفاقة في ربوع الجزيرة العربية، بعد أن ران عليها الجهل، وخيم عليها الظلام عدة قرون، وعاد كثير من الناس إلى الشرك والخرافات، فانقشع ذلك الجهل وتحول ذلك الظلام إلى نور على يد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، الذي بدأ بتعليم الناس لعقيدة الصحيحة، وقامت بفضل هذه العقيدة دولة التوحيد، منذ أن قام الإمام محمد بن سعود رحمه الله مؤسس هذه الدولة المباركة، هذه الدعوة الطيبة، فكتب الله لها بذلك النصر، والبقاء، وزالت مظاهر الشرك والوثنية في برهة وجيزة، وهي لم تكن لتزول لو لم تنطلق هذه الدعوة من روح العقيدة.

ولستُ مبالغاً حينما أذكر هذه الحقيقة فإنها حقيقة يسلم بها الأعداء فضلاً عن الأصدقاء، والحق ما شهدت به الأعداء.

وخلاصة القول إنه لا صلاح لنا، ولا فلاح، ولا نجاح لدعوتنا، إلا إذا بدأنا بالأهم، قبل المهم، وذلك بأن ننطلق في دعوتنا من عقيدة التوحيد نبني عليها سياستنا، وأحكامنا، وأخلاقنا، وآدابنا، ننطلق في كل ذلك من هدي الكتاب والسنة، بلا إفراط، ولا تفريط، ذلكم هو لصراط المستقيم، والمنهج القويم الذي أمرنا الله تعالى بسلوكه فقال: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ}.

وقال تعالى {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا}، وقال رسول الهدى صلى الله عليه وسلم: .

ويقول الإمام مالك بن أنس رحمه الله: لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير