تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

عمرا t تنبّه لذلك. لقد وجد أمامه جيشا روميا يبلغ التسعين ألفا من الجنود, فأرسل وإخوانه الأمراء الى أبي بكر أمير المؤمنين في المدينة فأرسل أبو بكر t رسالة الى خالد بن الوليد t, وقال للمسلمين في المدينة كلمته المشهورة عن خالد t:( والله لأنسين الروم وساوس الشيطان بخالد بن الوليد). وكتب أبو بكر الصديق t لخالد بن الوليد t وقال له t:( سر حتى تأتي جموع المسلمين باليرموك) ففعل خالد t ذلك سريعا وعبر الجبال بجيش المسلمين ليصل المدد مبكرا لإخوانه في الشام ولما وصل خالد t الى الشام, فرح المسلمون به, وزاد جدهم ويقينهم بالنصر, واشتد غب الروم بمجيئه, حتى اهتز ملكهم هرقل وقال عندما علم بمجيء خالد: ألم أقل لكم لا تقاتلوهم لا طاقة بكم على هؤلاء. غضب أصحاب هرقل وقالوا له: قاتل ولا تخف الناس, واقض الذي عليك. وأصبح الجو مهيئا للقتال, وقال قادة جيش الروم لملكهم هرقل: لقد أتتك العرب وجمعت لك جموعا عظيمة, وهم يزعمون أن نبيهم محمدا, أخبرهم أنهم سينتصرون على أهل هذه البلاد, ولقد جاءوك بأبنائهم ونسائهم تصديقا لمقالة نبيهم. وبث الله فيهم الرعب حتى انهم أشاعوا أن خالدا في يده سيف منزل من السماء, أعطاه له رسول الله, فلا يقاتل به قوما الا انتصر عليهم. واستعد الطرفان للمعركة الروم في حيرة وارتباك ورعب مما يسمعون, والمسلمون على يقين وثقة من نصر الله لهم لأنهم يتذكرون ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم:" أعطيت مفاتيح الشام". بلغ عدد جيش الروم مائتين وأربعين ألف مقاتل, منهم ثمانون ألفا مقيدين بالسلاسل كي لا يفروا أثناء المعركة, والمسلمون: سبعة وعشرون ألفا وجاء خالد بتسعة آلاف ليبلغوا ستة وثلاثين ألفا تقريبا. ووقف خالد بن الوليد t بين الجنود يقول لهم: (ان هذا يوم من أيام الله, لا ينبغي فيه الفخر ولا البغي, أخلصوا جهادكم, وأريدوا الله بعملكم, فان هذا يوم له ما بعده). وأرسل هرقل جاسوسا من رجاله يستطلع أحوال المسلمين فعاد اليه قائلا: هم بالليل رهبان, وبالنهار فرسان, ولو سرق ابن ملكهم لقطعوا يده, ولو زنى لرجم, لإقامة الحق فيهم. فقال القائد: لئن كنت صادقا, لبطن الأرض خير من لقاء هؤلاء على ظهرها, ولوددت أن حظي من الله أن يخلي بيننا وبينهم, فلا ينصرني عليهم, ولا ينصرهم علي. وقسم خالد جيشه كتائب سميت كراديس, كل كردوس مجموعة ضخمة من الرجال والخيل, لكي يحارب الروم على شكل موجات هائلة لا تنتهي. وقسم خالد بن الوليد الكراديس الى ثلاثة أقسام هي:

القلب: وكان قائده أبو عبيدة بن الجراح وعدده ثمانية عشر كردوسا وعلى كل كردوس أمير.

الميمنة: وكان قائدها عمرو بن العاص ومعه أحد عشر كردوسا وعلى كل كردوس قائد أو أمير.0

الميسرة: وكان قائدها يزيد بن أبي سفيان ومعه تسعة كراديس وعلى كل كردوس أمير0 وأمر خالد المقداد بن عمرو أن يقرأ على المسلمين سورة الأنفال لأن بها آيات الجهاد, فبدأ يقرأ ويمر بين صفوف المسلمين المتراصّة الصامتة والتي تستمع الى قول الله تعالى بإيمان شديد. وقد شهد اليرموك ألفا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم نحو مئة من أهل بدر, وكان أبو سفيان يسير فيقف على الكراديس, فيقول: الله .. الله .. إنكم زاد العرب وأنصار الإسلام, وانهم زاد الروم وأنصار الشرك والكفر, اللهم ان هذا يوم من أيامك, اللهم أنزل نصرك على عبادك. وبينما كان خالد يرتب ويفتش بين الجنود سمع رجلا من المسلمين يقول: ما أكثر الروم وأقل المسلمين. فقال خالد على الفور: (بل ما أقل الروم وأكثر المسلمين, انما تكثر الجنود بالنصر وتقل بالخذلان لا بعدد الرجال). هكذا بث فيهم خالد روح القتال والجهاد وجعل الخوف والقلق يتسرّب الى قلوب أعدائه من الروم. ونشب القتال بين المسلمين والروم, والتحم الناس, وتطارد الفرسان, وبينما هم على ذلك إذ قدم البريد من المدينة المنوّرة, فسألوه الخبر فلم يخبرهم الا بخير, وأخبرهم عن مدد قادم ولكن البريد جاء بخبر وفاة أبي بكر الصديق t في يوم الاثنين 22 جمادى الآخرة سنة 13 هجرية وتأمير أبي عبيدة قائدا على جيش المسلمين, فأبلغ الأمر خالدا, وأخبره بوفاة أبي بكر, وأخبره بأن الجند لم تخبر بعد, فقال خالد (أحسنت فقف) وأخذ الكتاب وجعله مخفيا حتى لا يشعر به الجنود, فيصيبهم قلق. كان القتال عنيفا, وظل على هذه الحال حتى تضعضع

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير