تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

صادق ولن يلزمهم أو يكرههم على شيء وأنه لا يريد منهم أجرا على دعوته إياهم, وان طلبت أجرا فإني سأطلبه من الله الذي ثوابه وأجره أفضل مما عندكم وخير مما تعطونني, ولن أطرد هؤلاء ولن أبعدهم عني فقد آمنوا بربهم مهما عرضتم من اغراءات. قال لهم نوح: {أرأيتم إن كنت على بيّنة من ربي وءاتاني رحمة من عنده فعمّيت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون} و قال نوح: {وما أنا بطارد الذين ءامنوا, إنهم ملاقو ربهم ولكني أراكم قوما تجهلون}.و قد تطاول الجدال والزمان بينهم وبين نوح عليه السلام, وكان كلما انقرض جيل منهم وصّ من بعده بعدم الإيمان بدعوة نوح ومحاربته ومخالفته, وكان الوالد إذا بلغ ولده وعقل جلس إليه ووصاه فيما بينه وبينه, ألا يؤمن بنوح أبدا ما عاش وما بقي. و قالوا: {يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا}.ثم طلبوا معجزات ظنوا أن نوح لن يقدر عليها بأمر الله فقالوا: {فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين] وجاء ردّه الأخير: {ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم, هو ربّكم واليه ترجعون} 0وجاء التأكيد من الله U أنه لا فائدة من هؤلاء فلن يؤمن منهم أحد إلا من آمن. وقال الله I لنوح: {وأوحى إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد ءامن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون} 0و بدأ نوح u ينتظر أوامر أخرى من ربّه.

المعجزة الكبرى: بدأت المعجزة الكبرى لنوح u بحوار جميل بينه وبين ربّه وكان بمثابة تقرير كامل عما كلفه الله به من عمل جاء في هذا الحوار الكريم: {قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا* فلم يزدهم دعائي إلا فرارا * و إني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في ءاذانهم واستغشوا ثيابهم وأصرّوا واستكبروا استكبارا * ثمّ إني دعوتهم جهارا * ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا * فقلت استغفروا ربّكم انه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا} 0وظلّ نوح u يذكر لقومه ما دعاهم إليه, ويصوّر لهم عظمة الله في خلقه, ويبيّن لهم نعم الله عليهم _ ولم يكن لهذا إجابة أو سبيل_ فقد ضلوا ضلالا شديدا, وزاد فسادهم وخبثهم مع كثرة جدالهم وإحساسهم بأنهم الأكثر فهما وعلما من نوح وهنا قدّم u نتائج عمله طوال مئات السنين وصبره على أجيال وأجيال منهم, فدعا ربه أن يهلكهم حتى لا يفسدوا في الأرض ويضلوا غيرهم ضلالا بعيدا وقال: {وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديّارا * انك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا} 0و جاء الأمر الكريم الذي حمل في طيّاته معجزات عظيمة. قال الله Y لنوح u:{ واصنع الفلك بأعيننا ووحينا} 0ولربما قال نوح: يا رب وما الفلك؟ فقال له: بيت من خشب يجري على وجه الماء حتى أغرق أهل المعصية وأريح أرضي منهم. ربما سأل نوح عن الماء, وهو يعلم أن الله على كل شيء قدير. و قيل إن نوحا سأل عن الخشب, فأمره ربّه بغرس شجر الساج كثير الخشب عظيم الأصول والفروع, فأمره الله تعالى بذلك وظلّ يغرس ويغرس وانتظر أربعين عاما حتى أصبح الشجر غابات هائلة. وفي هذه السنوات توقف نوح عن دعوة قومه إلي عبادة الله فلم يدعهم فأعقم الله تعالى أرحام نسائهم فلم يولد لهم ولد, فلما كبر الشجر أمره ربه أن يقطع الشجر فقطعه وجففه ثم قال: يا رب كيف أتخذ هذا البيت أي كيف أصنع هذه السفينة؟ فقال له: اجعله مائلا على ثلاث صور رأسه كرأس الديك وجوفه كجوف الطير وذنبه كذنب الديك مائلا واجعلها متطابقة واجعل أبوابها في جنبيها واجعلها ثلاث طبقات واجعل طولها ثمانين ذراعا وارتفاعها في السماء ثلاثين ذراعا. أورد هذا الثعلبي في العرائس وقال أن هذا قول أهل الكتاب0هذا المجنون يتخذ بيتا يسير به على الماء_ يقصدون السفينة_ ثم يضحكون. وقد جاءت صورة هذا المشهد في القرآن الكريم في قوله I: { ويصنع الفلك وكلما مرّ عليه ملأ من قومه سخروا منه} أي يستهزئون به وقد استبعدوا أن يحدث ما توعّدهم به. فيجيب عليهم نوح قائلا: {قال إن تسخروا منّا فإنّا نسخر منكم كما تسخرون}. ثم أضاف موضحا ما توعّدهم بأنه وقومه سوف يسخر منهم ويتعجب منهم من استمرارهم على كفرهم وعنادهم الذي سوف يقتضي وقوع العذاب بهم وحلوله عليهم لاحقا, مؤكدا وقوع ذلك بقوله: {فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحلّ عليه عذاب مقيم} 0وأوحى الله إلى نوح u أن عجّل صنعة الفلك, وانته من صناعة السفينة, فقد

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير