تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

اختص الله U موسى u بنعم كثيرة, وكذلك اختص قومه بهذه النعم التي أنعم بها عليه, ولذلك فقد ظل موسى u يشكر الله على نعمه. وكان موسى يصلي لله شكرا على ما أعطاه من نعم, يتعبّده حمدا على ما وهب له, ويبتهل اليه أن يديم عليه رضاه وكرمه. وذات يوم سأل ربّه: يا رب؛ أأنا الآن الوحيد على وجه الأرض الذي حبوتني بالعلم, وخصصتني بالمعرفة؟! فأجابه ربه Y: يا موسى انك لا تعلم الا ما شئنا نحن أن تعلمه, ولا تعرف الا ما أردنا لك أن تعرفه. قال موسى u متسائلا: يا رب, أيوجد من هو أعلم مني؟! فأجابه ربه: لي عبد صالح يعلم ما لا تعلم. ويعرف ما لا تعرف. قال موسى u: يا رب, أين أجد عبدك الصالح هذا؟ لقد اشتاقت نفسي الى معرفته. قال I: يقيم الآن عند مجمع البحرين. قال موسى u: يا رب؛ أريد أن أذهب لأراه, فأرشدني اليه, ووفقني للقائه. قال Y: اذهب وسأجعل لك من عندي آية تدلك وعلامة بيّنة ترشدك.

1. البحث عن العبد الصالح: تهيأ موسى u للذهاب لمقابلة العبد الصالح, الذي أرشده الله I اليه, فنادى يوشع بن نون فتاه المخلص وقال له: يا يوشع, إني عزمت على القيام برحلة, لا أدري: أتطول هي أم تقصر؟!! فهل لك في أن تصحبني في تلك الرحلة التي لا يعلم الا الله مداها؟! وكان يوشع بن نون هو الفتى الذي أحبّ موسى u, وآمن به وأخلص له, ووهبه قلبه, وصحبه في غدوّه ورواحه, ينهل من حكمة موسى u, ويغترف من علمه, ويأخذ من معرفته. قال يوشع: إني لك يا سيدي الصاحب الوفي والرفيق المطيع الأمين. قال موسى عليه السلام: اذن, فلنتهيأ لرحلتنا من فورنا, ولنسر على بركة الله, فهو مرشدنا وهادينا الى سواء السبيل. وتهيأ موسى u وفتاه للسفر وتزوّدا بزاد مما يتزود به عادة المسافرون, الذين يقطعون الصحارى, ويجتازون الفيافي والقفار, مثل الخبز الجف, والتمر اليابس, واللحم المقدد. ولما جهزا جهازهما؛ سأل يوشع بن نون موسى: يا سيدي أي المطايا تركب؟ وأي القوافل تصحب؟ وأي الطرق تسلك؟! قال موسى u: يا بني, ستكون مطيتنا أرجلنا, وسيكون البحر صاحبنا, وسيكون شاطئه مسلكنا. سأل يوشع متعجبا: والى أين نقصد؟! قال موسى u: نقصد مجمع البحرين, لأقابل رجلا من عباد الله الصالحين, أرشدني الله اليه. قال الفتى: وهل تعرف مجمع البحرين؟! أجاب موسى u: سيعرّفني الله مجمع البحرين ويهديني اليه.

2. رحلة البحث: مضى موسى u ومعه فتاه يوشع على شاطئ البحر, أياما وليالي, لا يكلان ولا يملان ولا يتأففان من طول سير, أو وعورة طريق؛ ولا يتوقفان الا لتناول غذاء, أو لأخذ قسط من النوم. ومرّ عليهما وهما على هذه الحالة وقت من الزمن, وموسى لا يزال كأول عهده بالرحلة: نشيطا, متشوقا الى مقابلة عبدالله الصالح, ولم تفتر همته, ولم يدركه سأم, ولم يتطرّق الى نفسه ملل. وسأل يوشع موسى يوما: يا ترى!! ألا يزال أمامنا مرحلة طويلة حتى نصل الى مجمع البحرين؟ قال موسى u: لا أدري!! ولكنني لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين, أو أمضي حقبا. واستمر موسى u وفتاه يوشع يغذان السير في البر, وهما على روح الثبات والنشاط حتى نفد طعامهما, فاصطاد يوشع حوتا من البحر حمله معه, ليتزودا من لحمه, ووصلا الى صخرة عظيمة فجلسا يستجمان بجوارها, ويستظلان بظلها, ويصيبان قسطا من الراحة والنوم. فلما نالا قسطا من النوم قاما يسيران ويسعيان, فما كاد ينصرم نهارهما هذا, ويمسي عليهما المساء حتى شعر موسى بتعب وفتور لم يعهده من منذ بدأ رحلته, وأحس أن قدميه لا تستطيعان حمله أكثر مما حملتاه, أحس كذلك أن أعضاءه قد وهنت وضعفت, فجلس على الأرض, وقال لفتاه: {آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا} عسى أن يمدّنا الله ببعض القوة التي تعيننا بلوغ غايتنا. حينئذ ضرب الفتى يوشع جبينه بيده, وصرخ صرخة مكتومة وقال لموسى: {أرأيت إذ أوينا الى الصخرة فاني نسيت الحوت وما أنسانيه الا الشيطان أن أذكره}. قال موسى u مستفسرا: وما بال الحوت؟! أجاب يوشع قائلا: لقد تسرّب الحوت, واتخذ سبيله في البحر عجبا. لقد هرب الحوت من السلة, ومضى في طريق محدد الاتجاه الى البحر. تعجب موسى u من كلام فتاه يوشع, وسأله وقد دبّت في نفسه فرحة أمل, وابتسامة تفاؤل فقال: أفصح يا يوشع, ماذا حدث للحوت وما الذي حدث منه؟!! قال يوشع: حدث وأنت نائم, ان أفقت أنا من نومي على صوت السلة التي بها الحوت, وكانت

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير