تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون} 0 و كان وعد الله حقا, وأصبحت أم موسى u مرضعة لابنها دون أن يشعر فرعون أو أحد من قصره, وكانت تتردد كل يوم على القصر فتسعد نفسها ويهدأ فؤادها, وتقرّ عينها برؤية ابنها بعد إرضاعه والتمتع بلذة الأمومة, وقد وصف القرآن هذه المعجزة فقال U:{ فرددناه الى أمه كي تقرّ عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق ولكنّ أكثرهم لا يعلمون} 0 كان موسى u موضع حب الجميع, فكان لا يراه أحد الا أحبّه وهذا من الله عز وجل إذ قال I:

{ وألقيت عليك محبة من عندي ولتصنع على عيني} 0 كبر موسى وترعرع, وأصبح فتيا شابا وتعلم علوما كثيرة, وعلم أنه ليس ابنا لفرعون, وكان يرى اضطهاد فرعون ورجاله وأتباعه لبني اسرائيل, ودخل المدينة على حين غفلة ذات يوم, فوجد رجلا من أتباع فرعون يقتتل مع رجل من بني اسرائيل, واستغاث به الرجل الضعيف فتدخل ووكز الرجل الظالم بيده فوقع قتيلا, فقد كان موسى قويا لدرجة أن اذا ضرب خصمه ضربة واحدة فانه يقتله. ولم يقصد موسى قتل ذلك الرجل, وكان موته مفاجأة مزعجة له لدرجة أنه قال: {هذا من عمل الشيطان انه عدو مضل مبين} ودعا موسى ربه .. قال: {رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي} 0 وغفر الله I له, انه هو الغفور الرحيم. و بعد أيام قليلة جاء قريبه هذا الذي قتل من أجله أحد أقارب فرعون, جاء يستنجد به في معركة أخرى مع رجل آخر, فأدرك موسى أنه من هواة المشاجرات والمعارك, فصرخ به موسى قائلا: {انك لغويّ مبين} واندفع نحوه فخاف الرجل منه واعتقد أنه سيبطش به كما بطش بعدوّه بالأمس فقال مسترحما موسى: {يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس ان تريد الا أن تكون جبّارا في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين}. بهذه الكلمات كشف الرجل المصري سرا كان يبحث عنه جنود فرعون, فلم يكن قد عرف بعد قاتل الرجل, وأصبح موسى خائفا يترقب خطرا قد يلحق به وهو في المدينة, وأرسل الله U لموسى رجلا مصريا عاقلا ينصحه ويحذره, وقد أطلعنا القرآن الكريم على ذلك في قوله تعالى: {فلمّا أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما قال يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس, ان تريد الا أن تكون جبارا في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين} 0 خرج موسى من المدينة ودعا ربّه: {ربّ نجّني من القوم الظالمين} 0 سافر موسى الى مدين وجلس عند بئرها الرئيسي الضخم, وجاء الرجال الأقوياء يسقون أغنامهم. كان موسى متعبا من السفر, جائعا لم يأكل شيئا منذ فترة, أحسّ أنه فقير غريب, هارب من بطش فرعون وقومه بسبب ما أصابه في المدينة, دعا ربه وهو جالس تحت الشجرة بالقرب من البئر قائلا: {ربّ إني لما أنزلت إليّ من خير فقير} 0 في هذا الوقت لاحظ موسى جماعة من الرعاة يسقون غنمهم, ووجد امرأتين تمنعان غنمهما أن تختلط بغنم القوم, فشعر موسى u أن الفتاتين بحاجة الى المساعدة, تقدّم منهما وسأل ان كان يستطيع أن يساعدهما بشيء .. فقالت الفتاة الكبرى: نحن ننتظر حتى ينتهي الرعاة من سقي أغناهم لنسقي. فقال موسى: ولماذا لا تسقيان معهم؟ فقالت الصغرى: لا نستطيع أن نزاحم الرجال كما ترى!! نظر إليهما موسى في دهشة لأنهما ترعيان الغنم .. وهذه مهنة يجب أن يعمل بها الرجال, لأنها شاقة متعبة, وسأل موسى u مرة أخرى: لماذا ترعيان الغنم؟ فأجابت الصغرى أيضا قائلة: أبونا شيخ كبير لا تساعده صحته على الخروج معنا كل يوم. عندئذ تقدم u في شهامة الرجال وقال: سأسقي لكما. مشى موسى وخلفه الفتاتان وأمامه الغنم, حتى وصل الى بئر مدين وهناك عند البئر اكتشف أن الرعاة قد وضعوا على فم البئر صخرة ضخمة لا يستطيع أن يحرّكها الا عشرة رجال, وعلى الفور احتضن موسى الصخرة ورفعها من فم البئر, وسط دهشة الفتاتين اللتين شاهدتا عروق رقبته ويديه قد انتفخت بشدّة عند رفعه للصخرة الضخمة, لقد كان موسى رجلا قويا, منحه الله قوة هي بمقاييس عصره معجزة, وسقى u الغنم وأعاد الصخرة مكانها وتركهما تمضيان الى حال سبيلهما ثم عاد الى الشجرة التي كان يجلس تحتها من قبل, ورفع يده بالدعاء المشهور عنه فقال مرّة أخرى: {ربّ إني لما أنزلت إليّ من خير فقير}. عادت الفتاتان الى دارهما وحكتا لأبيهما شعيب قصة الشاب الكريم الذي سقى لهما وجعلهما تعودان الى الدار مسرعتين مبكرتين على غير عادتهما. وشرحتا له كيف سقى, وكيف

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير