تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

نام متعبا, يبدو عليه أنه قادم من سفر بعيد, وجائع ومجهد. أرسل له الأب إحداهما ليعطيه أجر ما سقى لهما, وجاءته على استحياء فجعلها تمشي خلفه وتنبهه هي الى الطريق. وهناك أكرمه الرجل وقدّم له الطعام وعرض عليه إحدى ابنتيه ليتزوجها على أن يعمل في رعي الغنم عنده ثماني سنوات, فان أتمّ عشر سنوات, فله الحرية ان شاء. وافق موسى على هذا العرض السخي الذي كان بمشيئة الله خيرا لموسى. و مضت السنون واستكمل الله لنبيه موسى u التأهل لكي يكون نبيا يتحمّل الأمانة وعظمها ومشاقها. وانتهت الفترة المحددة وبدأت مرحلة المعجزة الكبرى في حياة موسى, سنرى بداية المعجزة هناك تحت جبل الطور, وسنرى العلاقة بين العصا والحية.

العصا: كانت العصا معجزة من المعجزات التي انصرفت مشيئة الله I أن تكون كما كانت, وأن تفعل ما فعلت ولكن أهميتها في نظر موسى u كانت محصورة في شيئين هما على حد قوله: {أتوكأ عليها} , {وأهش بها على غنمي}. و لكن لأن موسى نبي ولكلام الأنبياء جوامع قد ينطقون بها, فتنصرف الأحداث بمشيئة الله لتفسيرها, قد قال بعد الأهميتين الاثنتين اللتين ذكرهما: {ولي فيها مآرب أخرى}. وعصا موسى لها عدة أسماء ذكرها العلماء, فقيل أن اسمها "ماسا" وقيل اسمها "نفعة", و اسمها "غياث", وقال آخرون: اسمها "عليق" وكان طولها عشرة أذرع على طول موسى u . و قد ورد عن عصا موسى u قصص وحكايات قصيرة, ذكرها المؤرخون وأصحاب كتب السير, ومنها أنه: كان لعصا موسى شعبتان و محجن في أسفل الشعبتين وسنان حديديان في أسفلها, وأن موسى uاذا دخل مغارة أو سار في ليل شديد الظلام, كانت تظيء شعبتاها كالشمعتين من نار تنيران له مد البصر, وأنه كان اذا أعوزه الماء دلاها في البئر فتمتد على قدر ماء البئر ويصير في رأسها شبه الدلو فيستسقي بها .. الى آخر هذه الصفات التي لا نريد الخوض فيها كثيرا لأننا لا نعرف مدى صحتها. و منها أن العصا كانت تضرب بها الأرض فتخرج طعاما يكفي ليوم موسى u , وكان يضرب بها على الجبل الوعر الصعب المرتقى وعلى الحجر والشوك فتفرج له الطريق, وكان اذا أراد عبور نهر من الأنهار بلا سفينة ضرب بها عليه فانفلق وبدا له فيه طريق تنفرج .. قضى موسى u الأجل الذي حدده له شعيب, تزوّج خلاله ابنته "صفورا", وقرر الخروج من مدين فسار بأهله, منفصلا عن أرض مدين ببلاد الشام, وكان ذلك في فصل الشتاء حيث البرد والظلام الشديد, وكانت معه امرأته وأغنامه التي أعطاها له شعيب أجر ما فعل. و سار موسى u في برّ الشام مبتعدا عن المدن وأماكن العمران مخافة الملوك الذي كانوا بالشام, وكان أكبر همّه u يومئذ إخراج أخيه هارون من مصر ان استطاع الى ذلك سبيلا, فسار موسى في البريّة غير عارف بطرقها, فألجأه السير الى جانب الطور الأيمن الغربي في عشيّة شاتية شديدة البرد, وأظلم عليه الليل وأخذت السماء ترعد وتبرق وتمطر, وقد كانت زوجته حاملا في شهرها التاسع, ففاجأها الطلق والولادة. فأصابته حيرة شديدة خوفا على زوجته من البرد والظلام وهي في هذه الحالة, فبينما هو كذلك إذ آنس من جانب الطور نورا فحسبه نارا, فقال لأهله: {امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى} يقصد أنه يتمنى أن يجد من يدله على الطريق التي أضلها, فلما أتى النار واقترب منها رأى نورا عظيما ممتدا من السماء الى شجرة عظيمة هناك, كان موسى قد دخل واديا يقال له طوى, لاحظ الصمت والسكون, والدفء والهدوء, واقترب موسى من النار, وما كاد يقترب منها حتى سمع صوتا يناديه: {أن بورك من في النار ومن حولها وسبحان الله رب العالمين} 0 توقف موسى عن السير فجأة, وأصابته رعشة, شعر أن الصوت يأتي من كل مكان ولا يجيء من مكان محدد. نودي موسى من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة, ارتجت الأرض بالخشوع والرهبة والله Y ينادي: {إني أنا ربك} 0 و ازداد خوف موسى وارتعاشه, فسمع الصوت يقول:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير