ومع هذا فإن هذه التعريفات على مالها من مدلولات قيمة. إلا أنها لا تغطي الأبعاد المختلفة لمعنى الثقافة أو مفهومها، وهذا لا يعني قصورها أو خطأها. وحتى يكون للثقافة معناها ومفهومها الشامل، فلابد من أن تشمل الجانبين: النظري والعلمي. وقد يكون التعريف الذي اختاره "مالك بن نبي" هو أقرب التعريفات لهذا المفهوم فقد عرف الثقافة بأنها: "مجموعة من الصفات الخلقية، والقيم الاجتماعية التي تؤثر في الفرد منذ ولادته، وتصبح لا شعورياً العلاقة التي تربط سلوكه بأسلوب الحياة في الوسط الذي ولد فيه".
عناصر الثقافة:
يرى بعض العلماء ان الثقافة تقسم الى قسمين رئيسيين:
1) عناصر مادية: و هي تتضمن كل ما ينتجه الإنسان من مخترعات حسية.
2) عناصر غير مادية: تتضمن الأعراف و العادات و التقاليد و القيم و الأخلاق، و هي عناصر سلوكية التي يمارسها الفرد خلال حياته. ولكن الغالبية العظمى ترى ان العناصر الثقافية ثلاثة و على رأس هؤلاء العلماء " رالف لنتون " الذي قسم العناصر الثقافية إلى:
أولا – العموميات أو العالميات الثقافية: وهي تلك العناصر من الثقافة التي تشترك فيها الغالبية العظمى من الأمة ((عموميات)) أو الغالبية العظمى من العالم ((عالميات)) .. و تشمل هذه العناصر المخترعات المادية و الممارسات المعنوية. و هذه العناصر مثل الأفكار العامة، العادات و التقاليد، النظم، و الاستجابات العاطفية، و المخترعات التي تخدم الأمة و تميزها عن غيرها و تجعلها متميزة بأسلوب حياة معينة و استعمالات للمخترعات التي بين يديها بطريقة خاصة بها. فالزواج من حيث المحتوى أو المفهوم يعتبر من العالميات أما من حيث الشكل و الطريقة فيعتبر من العموميات.
ثانيا – الخصوصيات أو التخصصات الثقافية: هي العناصر التي يشارك بها بعض الأفراد المجتمع، أو فئة من المجتمع ولكن ممارسة تلك الفئة من الناس لهذا النوع من الثقافة يعود بالفائدة دوما على المجتمع ككل، ولا يضر بأحد كما انه ذو فائدة كبيرة للجماعة .. مثال على ذلك ما يقوم به البعض من سلوكيات أو مهارات أو قدرات تعود بالفائدة على الجميع ..
و الخصوصيات أو التخصصات تقسم الى عدة أقسام منها:
1) الخصوصيات المهنية: هي العناصر الثقافية التي يمارسها أصحاب مهن معينة دون غيرهم ((كلباس الأطباء أو الجنود .. الخ)) أو أسلوب حياة عمال المناجم، أم طريقة غناء الصيادين .. الخ.
2) الخصوصيات الطبقية: كتصرفات و لباس و طريقة حياة طبقة معينة من طبقات المجتمع، أو طريقة حديثهم.
3) الخصوصيات العقائدية: يظهر ذلك في ممارسة الأفراد للشعائر الدينية أو طريقة الملبس أو المأكل أو إقامة الطقوس الدينية المختلفة في المناسبات العامة.
4) الخصوصيات العنصرية: فهناك عادات و قيم و طريقة حياة يومية يمارسها جنس معين في مجتمع معين ولا يمارسها جنس آخر في نفس المجتمع و تعود هذه الممارسة للعنصر الذي انحدر منه هؤلاء الأفراد.
خصائص الثقافة:
أ) - مكتسبة: الثقافة لا يرثها الإنسان كما يرث لون عينية أو بشرته، بل يكتسبها بطرق مقصودة ((بالتعلم)) أو عرضية من الأفراد الذين تفاعل معهم و يعيشون حوله، منذ ولادته، كأسرته و أقرانه و غيرهم من الذين يخالطهم.
ب) - انتقالية: الثقافة تراث اجتماعي يتعلمها و يتمثلها الفرد بصفة عضوا في جماعة معينة، فهي تنتقل من جيل الى جيل بوساطة عمليه التنشئة الاجتماعية، و من جماعة لأخرى، أو من مجتمع لآخر بوساطة عملية التثقف " Acculturation "
ت) - تراكمية: و هذا يعني ان الثقافة ذات طابع تاريخي تراكمي عبر الزمن، فهي تنتقل من الجيل الى الجيل الذي يليه، بحيث يبدأ الجيل التالي من حيث انتهى الجيل الذي قبله، و هذا يساعد على ظهور انساق و أنماط ثقافية جديدة.
ث) - الثقافة أداة لتكيف الفرد بالمجتمع: تعتبر الثقافة الأداة التي يستطيع الإنسان من خلالها ان يتكيف بسرعة مع التغيرات التي تطرأ على بيئته الاجتماعية، و تزيد أيضا من قدرته على استخدام ما هو موجود في بيئته
¥