تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عتادا ثقيلا، تدك به معاقل الصرب دكا، وهو ما اضطر الولايات المتحدة وحلفاءها اضطرارا إلى تسوية القضية، ولو مؤقتا باتفاقية "دايتون" التي أوقفت المد الإسلامي في أرض البلقان، ولكنها على أية حال، أوقفت نزيف الدم المسلم، ولو إلى حين، وما لا يدرك كله لا يترك كله.

الشاهد من كل ذلك، أنه بالرغم من هذه الانتصارات، لم يطمع المجاهدون في أي مكاسب مادية أو معنوية، باستثناء إقامة بعضهم في أرض البلقان وحصولهم على الجنسية البوسنوية بعد زواجهم بنساء بوسنويات، كما تقدم، وهذا أمر لا يستدعي حمل السلاح وتعريض الروح للإزهاق، وإنما وقع عرضا لا قصدا، فلم يعمل القوم كـ "مرتزقة" في الجيش البوسنوي، كما يصور الإعلام المأجور دوما، وإنما كونوا فرقة من فرق الجيش البوسنوي لها نوع استقلال في اختيار عناصرها، وفق معايير شرعية معينة، لا سيما مع تفشي المخالفات الشرعية في بقية وحدات الجيش فضلا عن عمالة بعض أفرادها للصرب والكروات، وكذا لها نفس الاستقلالية في تحديد مهامها دون الخروج عن القيادة العامة بدليل استجابتهم لوقف إطلاق النار، في سنة 1995 م بعد أن كانوا على وشك الإجهاز على القوات الصربية المحاصرة في مدينة "ديبوي".

فلم تكن اتفاقية "دايتون" منحة من "ريتشارد هولبروك" الذي نسبت إليه هذه الاتفاقية، وإنما استجاب الغرب تحت وطأة ضربات المجاهدين التي خرجت عن حد السيطرة، وانتقلت من مرحلة الدفع إلى مرحلة الطلب.

وخلال هذه السنوات، كانت علاقتهم بالزعيم علي عزت بيجوفيتش، رحمه الله، وهو الذي تولى الشق السياسي من المعركة بكفاءة منقطعة النظير ضد "اللورد أوين" مبعوث السلام، وإن شئت الدقة فقل "مبعوث الجحيم"، وحلفائه من جنرالات صربيا الذين تبجحوا بتعاطي كؤوس الخمر مع "أوين" المحايد!!!، أثناء المفاوضات، كانت علاقتهم معه على أحسن ما يكون، وقد سجلت لنا كاميرات الفيديو لقاءاته الميدانية معهم، والتي ظهر فيها مدى الانسجام بين الجناح السياسي والجناح العسكري، بالرغم من خلافات لا تخلو منها أي جبهة، ولكن إدارة الأزمات تحتاج إلى نوعية خاصة من الرجال تقدم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، وتتجرد من حظوظ النفس.

وأما علاقتهم بإخواننا في البلقان، فحدث ولا حرج، إذ حظي القوم بشعبية منقطعة النظير في أوساط إخواننا في البلقان، الذين عرفوا الإسلام بعيون أولئك، فراجعوا دينهم الذي اندثرت معالمه خلال الحقبة الشيوعية الملحدة، وإن حظوا ببعض التسامح في عهد "تيتو" الذي حاول صهر طوائف الدولة اليوغسلافية في بوتقة "المواطنة" التي أثبتت فشلها بالأمس في البلقان، وبعدها أفغانستان، بعد خيانة التحالف الشمالي والأوزبك، واليوم في العراق ............. إلخ.

وما أسهل الهدم، وأصعب البناء، إذ تستجيب الحكومة البوسنوية لضغط خارجي فتهدم بجرة قلم: 1500 أسرة!!!!!.

والخبر الثاني:

عن زيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد إلى السودان والمملكة العربية السعودية، في محاولة لتجميل الصورة الإيرانية بعد أحداث العراق الأخيرة التي استفزت القاصي والداني، والاستراتيجية الإيرانية واحدة لن تتغير، وإنما تبدي بعض المرونة أحيانا، لتحققيق مكاسب سياسية وجماهيرية، لأن الرئيس الإيراني باختصار، أشبه ما يكون بـ "ديكور سياسي"، أو: "متحدث رسمي" باسم القيادة الدينية الإيرانية التي تمسك بزمام السياسة الخارجية الإيرانية، فلا يغتر أهل السنة بالمجاملات الدبلوماسية الباردة التي لا تنطلي إلا على السذج الأغرار، وهذا ما أشار إليه محلل سياسي سعودي، تعامل مع الأمر بواقعية، إذ قال بأنه لا يمكن حل كل المشكلات، وإن شئت الدقة فقل: المصائب، العالقة بين المعسكرين منذ عام 1979 م، إلى الآن، في زيارة واحدة تستغرق ثلاثة أيام!!!!!!، ولا مانع أن تتحرك الدبلوماسية الإيرانية تحت شعار مكافحة الإمبريالية الأمريكية التي تسعى للقضاء على الإسلام، وهذا حق لا شك فيه ولكنه في هذا الموضع بالذات: يراد به باطل أي باطل، لا مانع أن تتحرك هذه الدبلوماسية في الوقت الذي تتحرك فيه قوات الحرس الثوري لتنفيذ الشق العسكري في المخطط الإيراني لاختراق العالم الإسلامي فتمد يد العون لنفس الشيطان الأمريكي الذي يسب ليل نهار في شوارع طهران لإسقاط حكومة الطالبان الإسلامية في أفغانستان باعتراف الرئيس الإيراني السابق: هاشمي رافسنجاني، و"محمد علي أبطحي" نائب الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي، إن لم تخني الذاكرة، وتتحرك القيادات الدينية لاختراق العالم الإسلامي عقديا، بقيادة المرجع: محمد علي تسخيري، الذي يصر على أن ما يحصل الآن هو محاولات فردية لا سياسة منظمة مع أنه هو المسئول المباشر عنها!!!!!، كما هو حاصل اليوم في الشام، وفي مصر "على استحياء"، إذ يطل العملاء عبر صفحات الجرائد الصفراء من حين لآخر، وكذا الحال في السودان، بل ووصل الأمر إلى المغرب الأقصى، فمتى يفيق المسلمون، لا سيما العرب، لمواجهة هذا المد الكاسح المتزامن مع الهجمة الصليبية الشرسة على الشرق المسلم؟!!!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير