بالدعارة و كلتا الحالين لا تتفق إلا مع المعشوق الذي تمكن مباشرته.
ثم قال رحمه الله ((أما الصحافة و العلم و المعرفة و الرياضة و ما أشبه ذلك فالصواب أن يعبر فيها بالحب وكذلك حب الله سبحانه و تعالى و حب رسوله و المؤمنين لا ينبغي أن يعبر عنه بالعشق و يدل على ذلك أيضا قول صاحب القاموس (أو مرض و ساوسي يجلبه إلى نفسه بتسليط فكره على استحسان بعض الصور) فإن من أحب الله ورسوله و العلم و أهله لا يجلب لنفسه مرضا وساوسيا أبدا بل يزداد عقله قوة و صحة.
و كذلك القول بأن العشق عمى الحس عن إدراك عيوب المعشوق لا يتناسب إلا من تمكن مباشرته.
ثم ساق حديثا و هو من عشق فعف فمات دخل الجنة فتكلم عن سنده و على العموم هذا الحديث لا يصح سندا و قد تكلم فيه العلماء قديما و حديثا و أغلب الذين تكلموا فيه قالوا ببطلانه ووضعه.
ثم قال رحمه الله ((و إن صدق الأنطاكي في نقله صحة الحديث عن الإمام الحافظ علاء الدين مغلطاني فإنه حجة في علم الحديث و يؤيد ما ذكرناه أن حب الله ذكر في القرآن في مواضع عديدة و لم يعبر عنه عنه بالعشق و حب رسول الله صلى الله عليه و سلم جاءفي الحديث أخرج البخاري من حديث أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه و سلم قال (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده و الناس أجمعين).
و الأحاديث التي جاء فيهما حب الله و رسوله و حب المؤمنين بعضهم بعضا كثيرة و لم يرد في شيء منها التعبير بالعشق.إنتهى كلامه رحمه الله و ليراجعه من شاء المصدر هو (تقويم اللسانين من ص75 إلى 78).
و أسوق لكم كلام أهل اللغة و الأدب في مسمى العشق لتعلموا أين تستعمل هذه الكلمة و أين يوظفونها
قال الخليل بن أحمد الفراهيدي في كتاب العين
عشق
عَشِقَها عَشَقاً والاسم العِشْقُ، قال رؤبة:
فَعَفَّ عن إسرارِها بعد العَسَقْ ولم يُضِعَها بين فَرْك وعَشَقْ
وفلانٌ عَشِيقُ فُلاَنةُ، وفُلانةُ عشيقَتُهُ، وهؤلاء عُشَّاق وعَشَاشيقُ فُلانةٍ.
قال الصاحب بن عباد في المحيط في اللغة.
عشق
عَشِقَ جاريةً عَشَقاً: كَلِفً بها.
و قال ابن سيده في المحكم و المحيط الأعظم
ع ش ق
العِشْق: عجب المحب بالمحبوب، يكون في عفاف الحب ودعارته. عَشِقه عِشْقا، وعَشَقا،
وتعشَّقه.
وقيل: العِشْق: الاسم، والعَشَق: المصدر.
ورجل عاشِق، من قوم عُشَّاق. وعِشِّيق: كثير العِشق. وامرأة عاشق وعاشِقة.
والعَشَقَة: شجرة تخضر ثم تدق وتصفر، عن الزجاجي، وزعم أن اشقاق العاشق من ذلك. وقال كراع: هي عند المولدين اللبلاب.
قال الزبيدي صاحب تاج العروس من جواهر القاموس
ع ش ق
العِشْقُ بالكَسْر، وإنّما أهمله لشُهْرَتِه. والمَعْشَق، كمَقْعَد، قال الأعشى:
وما بيَ منْ سُقْمٍ وما بيَ معْشَقُ
عُجْبُ المُحِبِّ بمَحْبوبِه. أو هو: إفْراطُ الحُبِّ. وسُئِلَ أبو العبّاس أحمدُ بنُ يَحْيى عن
الحُبِّ والعِشْق: أيّهُما أحْمَدُ؟ فقال: الحُبُّ؛ لأنّ العِشْق فيه إفراطٌ، ويكونُ العِشْق في
عَفاف الحُبّ وفي دَعارَةٍ، أو هو عَمَى الحِسِّ عن إدْراكِ عُيوبِه، أو مرَضٌ وسْواسيٌّ يجْلُبُه الى نفْسِه بتَسْليطِ فِكْرِه على استِحْسانِ بعْضِ الصّوَر. قال شيخُنا رحِمَه اللهُ تعالى: وقد
ألّف الرّئيسُ ابنُ سينا في العِشْقِ رسالةً، وبسَط فيها معْناه، وقال: إنّه لا يخْتَصّ بنوْع
الإنْسان، بل هوَ سارٍ في جَميع الموْجودات: من الفلَكِيّاتِ، والعُنْصُريّات، والنّباتات،
والمعْدِنيّات والحَيوانات، وأنّه لا يُدرَك معْناه ولا يُطَّلَع عليه، والتّعْبير عنه يَزيدُه خَفاء، وهو
كالحُسْنِ لا يُدرَكُ، ولا يُمكن التّعْبير عنه، وكالوَزْن في الشِّعرِ، وغيرِ ذلِك مما يُحالُ فيه على
الأذْواقِ السّليمة، والطِّباع المُسْتَقيمة. عشِقه، كعلِمه هذا هو الصّواب، ومثلُه في الصِّحاح والعُباب واللِّسان. وفي المِصْباح أنّه كضَرَب، وهو غيْر معْروفٍ، فلا يُعتَدُّ به، أشارَ له
شيخُنا عِشْقاً، بالكَسْرِ، وعشَقا أيضاً بالتّحْريكِ عن الفَرّاءِ. قال رؤبَة يَذكُر الحِمارَ والأُتُنَ:
ولم يُضِعْها بيْن فِرْكِ وعشَقْ
قال الجوهَريّ: وقال ابنُ السَّرّاجِ النّمَرِيّ في كِتاب الحُلَى: إنّما حرّكَه ضَرورةً ولم يحرِّكْه
بالكَسْر إتْباعاً للعيْن، كأنّه كرِه الجمْعَ بين كسرَتَيْن؛ لأنّ هذا عَزيزٌ في الأسْماءِ. وقال زُهيْر
¥