[من كمال صبر النبي صلى الله عليه وسلم]
ـ[مهاجر]ــــــــ[24 - 03 - 2007, 11:49 ص]ـ
يقول ابن تيمية رحمه الله:
"فصاحب الصورة الجميلة إذا كان من أهل هذه الأعمال التي يبغضها الله كان الله يبغضه ولا يحبه لجماله فإن الله لا ينظر إلى صورته وإنما ينظر إلى قلبه وعمله.
ويوسف الصديق وإن كان أجمل من غيره من الأنبياء وفي الصحيح أنه أعطى شطر الحسن فلم يكن بذلك أفضل من غيره بل غيره أفضل منه كإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم أجمعين، ويوسف وإن كانت صورته أجمل فإن إيمان هؤلاء وأعمالهم كانت أفضل من إيمانه وعمله وهؤلاء أوذوا على نفس الإيمان والدعوة إلى الله فكان الذين عادوهم معادين لله ورسوله وكان صبرهم صبرا على توحيد الله وعبادته وطاعته وهكذا سائر قصص الأنبياء التي في القرآن ويوسف عليه السلام إنما آذاه إخوته لتقريب أبيه له حسدا على حظ من حظوظ الأنفس لا على دين ولهذا كان صبره على التي راودته وحبس الذين حبسوه على ذلك أفضل له من صبره على أذى إخوته فإن هذا صبر على تقوى الله باختياره حتى لا يفعل المحرم وذلك صبر على أذى الغير الحاصل بغير اختياره فهذا من جنس صبر المصاب على مصيبته وذاك من جنس صبر المؤمن على الذين يأمرونه بالمعاصي ويدعونه إليها فيصبر على طاعة الله وعن معصيته ويغلب هواه وشهوته وهذا أفضل فأما صبر إبراهيم وموسى وعيسى ونبينا صلوات الله وسلامه عليهم على أذى الكفار وعدواتهم على الإيمان بالله ورسوله فذاك أفضل من هذا كله كما أن التوحيد والإيمان أفضل من مجرد ترك الزنا وكما أن تلك الطاعات أعظم فالصبر عليها وعلى معاداة أهلها أعظم وأيضا فهؤلاء كانوا يطلبون قتل من يؤمن وإهلاكه بكل طريق لا يحبون المؤمنين أصلا بخلاف يوسف فإنه إنما ابتلى بالحبس وكانت المرأة تحبه فلم تعاقبه بأكثر من ذلك".
"منهاج السنة"، (5/ 317، 318).
ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو إمام أولئك الصابرين، فقد أوذي وأخيف في ذات الله، عز وجل، فصبر، ووضع سلا الجزور على ظهره وهو يصلي، فصبر، وماتت زوجه خديجة، رضي الله عنها، وعمه أبوطالب في عام واحد ونالت منه قريش ما يكره، فصبر، وقذفه سفهاء الطائف بالحجارة فصبر، وأخرج من مكة أحب البلاد إليه فصبر، وقتل عمه حمزة، رضي الله عنه، في سبعين من أصحابه ومثل به يوم أحد فصبر، وخضب وجهه بالدماء يوم أحد فصبر، وقتل سبعون آخرون من خيرة أصحابه يوم بئر معونة، فصبر، وآذاه اليهود وكادوا له فصبر حتى أمكنه الله، عز وجل، منهم، وحاصرته الأحزاب في برد وجوع شديدين فصبر، وطعن المنافقون في فراشه فصبر حتى أنزل الله، عز وجل، براءة أم المؤمنين عائشة، رضي الله عنها، من فوق سبع سماوات، وابتلي بالجوع حتى ربط حجرين على بطنه، وخرج يمشي في الحر القائظ مع الصديقين، رضي الله عنهما، من شدة الجوع فصبر، وابتلي بالفقر، حتى كانت الأهلة تمر ولم يوقد في بيته نار ومات ودرعه مرهونة فصبر، ومرض حتى كان يوعك كرجلين فصبر، وكابد سكرات الموت فصبر حتى انتقل إلى الرفيق الأعلى.
ومرة أخرى: يقف محمد صلى الله عليه وسلم على قمة الكمال البشري بأبي هو وأمي.
والله أعلى وأعلم.
ـ[أبو طارق]ــــــــ[24 - 03 - 2007, 05:43 م]ـ
بارك الله فيك أستاذنا المهاجر
ونفع الله بك وبعلمك
ـ[أبو لين]ــــــــ[24 - 03 - 2007, 11:56 م]ـ
بوركت أخي مهاجر وجعل ماتكتبه في ميزان حسناتك ودائما ما أتتبع مشاركاتك لجمالها وجمال طرحها وجمال من تتحدث عنهم. فاللهم اجعلنا ممن يسمعون القول فيتبعون أحسنه. (نعم القدوة حبيبي محمد صلى الله عليه وسلم)
ـ[الجنرال رومل]ــــــــ[25 - 03 - 2007, 07:59 م]ـ
جزيت خيرا أخي المهاجر على هذا الطرح الجميل.