تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[عن علم الله عز وجل]

ـ[مهاجر]ــــــــ[28 - 03 - 2007, 12:12 م]ـ

وعن علم الله، عز وجل، يقول الطحاوي رحمه الله:

"العلم علمان: علم في الخلق موجود، وعلم في الخلق مفقود، فإنكار العلم الموجود كفر، وادعاء العلم المفقود كفر، ولا يثبت الإيمان إلا بقبول العلم الموجود، وترك طلب العلم المفقود" اهـ.

فالعلم المفقود هو: علم الله، عز وجل، الذي طواه عنا، مما لم نكلف بتتبعه، كـ:

كيفية صفات الله، عز وجل، فقد أمرنا بتدبر معانيها دون البحث في حقيقتها، لأنها مما لا يعلمه إلا الله، عز وجل، فنثبت كيفية لا يعلمها إلا هو، فالكلام في صفاته فرع عن الكلام في ذاته، كما أشار إلى ذلك الخطابي، رحمه الله، وهو سبحانه ليس كمثله شيء في ذاته، فلا تقاس ذاته على ذوات مخلوقاته قياس غائب على شاهد، لعظم التباين بينهما، إذ كيف يقاس الخالق الكامل كمالا مطلقا من كل وجه، بالمخلوق الناقص الفاني؟!!!!، إن في ذلك تسوية بين أعظم مختلفين تأباه العقول والفطر السليمة، فمن الظلم أن يسوى الكامل بالناقص، وكذا صفاته وأفعاله، لا تقاس على صفات وأفعال خلقه، وإن كانت ثابتة له على الوجه اللائق بجلاله، فلا تجهد نفسك في البحث عما يعجز عقلك عن إدراكه من حقيقة ذات الله، عز وجل، وصفاته، واشغل نفسك بتدبر معانيها وعبادة الله، عز وجل، على مقتضاها.

ومن العلم المفقود أيضا:

علم القدر، فهو كما قال أمير المؤمنين، علي بن أبي طالب، رضي الله عنه: سر الله، عز وجل، فلا تتكلفه.

فلا قبل لعقلك بإدراكه، فهو، عز وجل: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)، فلا مثيل له في أسمائه وصفاته وأفعاله، وأقداره من أفعاله، فالعقل يعجز في حق البشر، أن يقضي أحدهم على الآخر بقضاء مبرم، ثم يفعله الثاني غير مجبر عليه، ولكن الأمر في حق الله، عز وجل، مختلف، فلا يرد عليه هذا اللازم، بل يقال هنا أيضا: كيف يصح قياس فعل الخالق، عز وجل، الذي لا يسأل عما يفعل لتمام حكمته، على فعل المخلوق الذي يعتريه من النقص والخطأ، بل والسفه، ما يعتريه؟!!!، ففي هذا القياس من الظلم ما فيه، فاشغل النفس بما يصلحها في المعاش والمعاد، واعمل، فـ: (كل ميسر لما خلق الله)، و: (استعن بالله ولا تعجز)، ولا تعارض الشرع بالقدر، فتحتج بما لا تعلمه من أقدار الله، عز وجل، على ما اقترفت وتقترف يداك من الذنوب والآثام، فالقدر يحتج به في المصائب التي لا حيلة للإنسان في ردها، لا المعائب التي يقترفها الإنسان مختارا، ثم هو يحتج بقدر الله، عز وجل، على شرعه، ولو ظلمه أحد، فسفك دمه، أو انتهك عرضه، أو غصب ماله، ثم احتج عليه بالقدر لما قبل حجته، فكيف احتج على خالقه بما لا يرضاه حجة عليه؟!!!.

وأما العلم الموجود فهو علم الشريعة: علم الأمر والنهي، علم: افعل ولا تفعل، علم ما كلفت به فعلا أو تركا، مناط الثواب والعقاب، والفوز والخسران، به أرسلت الرسل، وأنزلت الكتب، ميراث النبوة، وطريق السعادة في الدارين، به يطمئن القلب وينشرح الصدر ويهنأ العيش، وأشرفه:

علم أسماء الله، عز وجل، وصفاته، تدبرا لمعانيها، وتعبدا بمقتضاها، والعلم يشرف بشرف المعلوم، ولا معلوم أشرف من الرب، عز وجل، وأسمائه وصفاته، فلعبادته خلق الثقلان، فتعسا لمن عطل أسماءه وصفاته، أو ترك تدبر معانيها زاعما أن مذهب السلف: "التفويض"، وإنما فوض القوم كيفيتها، لما علموا عجز عقولهم عن إدراكها، وانشغلوا بما أمروا به من تدبر معانيها والعمل بمقتضاها، فأثبتوا: كيفية لا يعلمها إلا هو، ومعاني يعلمها الراسخون في العلم، على تفاوت بينهم تبعا لرسوخهم، والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء.

وعلم الله، عز وجل، من جهة أخرى:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير