تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[عمرو خالد ومسألة التعايش 3 - حمى اللحم المسموم]

ـ[فتحي قاسم]ــــــــ[20 - 04 - 2007, 04:52 م]ـ

عمرو خالد ومسألة التعايش 3

حمى اللحم المسموم

مرة أخرى أعود لتأكيد ما سبق أن بينته في الحديث السابق من اعتبار مفهوم التعايش مفهوما غريبا عن الإسلام وهو أمر من الصواب العودة إليه لإثارته قدرا ليس باليسير من اللبس في بعض العقول التي توهمت أن في ذلك تحجيم لقدر الإسلام وإنقاص من قيمته بوصفه " نظام معرفي متكامل " وقادها سوء الفهم إلى تصور أن هذا القول يعني وصف الإسلام بالعنف والتطرف وعدم التسامح وبنفي الألفة والتراحم بين أبنائه. ووجد البعض نفسه مدفوعا إلى تذكيري ببعض الوقائع والأحداث التي اعتبرها دليلا دامغا على احترام هذا التعايش في الإسلام وقد أسدى لي الكل خيرا إذ نبهني إلى ما جعلني أرى ضرورة العودة للمسألة بغرض رفع ما اكتنفها من سوء فهم. ويحسن بي أن اعتمد على بعض ما اعترض علي به من أجل رفع سوء الفهم هذا. غير أني أريد أن أبدأ قبل هذا بدفع بعض الذي يقال ولا يرقى إلى مستوى الحوار بل يكون الركون الساذج إليه سببا في ضياع الحقيقة من بين يدي طالبها وأضرب مثلا لذلك هذه المقولة التي طالما لاكتها الألسن والتي كثيرا ما تستخدم من طرف منطق غرور وتعال يقوم على استصغار واستحقار الطرف الاخر وأقصد بذلك قولهم " لحوم العلماء مسمومة " وهي قولة أراها هي ذاتها بعيدة عن منطق الإسلام فضلا عن أنها تضعنا أمام إشكالات متعددة قد يكون أقلها الإتفاق على شخص الذي نعتبره جديرا بأن يسمى عالما حتى نقر بأن لحمه مسموم لا ينبغي أن ينهش إن تصورنا قول الحق وحمل أمانة الكلمة نهشا وهو ما لاينبغي لعاقل أن يتصوره كما لا ينبغي ان يتصور أن العلم وحده كفيل بالعصمة من الخطأ والزلل وكيف يكون ذلك وقد قال الله تعالى} وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ {* الأعراف 175 - 176 قال الشيخ السعدي في تفسيره " أي علمناه كتاب الله فصار العالم الكبير والحبر النحرير " فانظر بأي وصف وصفه الله تعالى مع ثبوت علمه. ثم كيف يكون ذلك أيضا وقد استعاذ نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم من علم لا ينفع كما جاء فيما رواه مسلم وغيره (اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع ومن نفس لا تشبع ومن دعوة لا يستجاب لها). وإن أردت زيادة بيان فانظر في قوله تعالى} إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ {البقرة 26

فتأمل كيف قضى الله تعالى بهذا المثل الذي ضربه أن يهدي به البعض ويضل به البعض الآخر.

وقد عجبت من بعد عجبي من هذه المقولة ذاتها من أن يراها البعض سلاحا يدفع به عن عمرو خالد وهو أمر يعود بنا بشكل حاد إلى الإشكال الذي ذكرته انفا بخصوص الإتفاق على شخص من يكون جديرا بأن يسمى عالما فيدخل بذلك في حمى اللحم المسموم.

ثم يبدو أنه كي نخلي الساحة من مثل هذه الأفكار والأقوال الساذجة التي تفتت منطق الحوار وتمزق جوهر الفكر أن نتعرض لما يقوله البعض من أنه لا يتصور حصول مثل الأخطاء التي ذكرتها – وقد ذكر البعض من قبل أخطاء أخرى منها ماهو أدهى بكثير مما ذكرت – من رجل داعية لا يعقل أن يقول شيئا دون أن يتثبت من صحته خاصة أنه يعلنه أمام الجميع جهارا نهارا كما يحلو للبعض أن يقول. ولا أحسب أني بحاجة لأكثر من قدر بسيط من المنطق لرد مثل هذا القول الواهي بشرط أن تتحرر العقول منةأسر الهوى فالجميع إن صدق مع نفسه يعلم أن هذه الثقة العمياء الغبية لا يسندها دليل نظري ولا عملي وأنه لا يصح

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير