[من حكم خلق إبليس!!!]
ـ[مهاجر]ــــــــ[06 - 05 - 2007, 05:43 ص]ـ
من الأسئلة التي تخطر ببال بعضنا أحيانا: لماذا خلق الله الشر؟، ولماذا خلق إبليس، لعنه الله، أخبث الذوات وشرها، وسبب كل شر؟!!!
والجواب عند شارح الطحاوية: ابن أبي العز الحنفي، رحمه الله، إذ فرق بين:
المراد لنفسه: وهو الموافق لمراد الله، عز وجل، الشرعي، أي: الوقوف عند أمره ونهيه الشرعيان، فهو: مراد إرادة غايات ومقاصد.
والمراد لغيره: وقد لا يكون مقصودا للمريد ابتداء، ولا مصلحة فيه بالنظر إلى ذاته، ولكنه سبب يتوصل به إلى مقصود أعظم، كالدواء تماما، يتجرعه المريض ولا يكاد يسيغه، ولكنه يتحامل على نفسه لعلمه بأن هذا المكروه سبب للشفاء، مقصود المريض الأعظم، والمريض إذ يتعاطاه، يتعاطاه ظنا لا يقينا، فقد يتخلف الشفاء لعارض، ومع ذلك يقدم على تناوله، فكيف بالله، عز وجل، الذي يعلم السر وأخفى، فما قدره كونا، من مصائب وابتلاءات، قد علم يقينا منذ الأزل، بعلمه التقديري المتعلق بحكمته، أن في وقوعها من المرادات والمحبوبات ما لا يحصل بتخلفها، وإن كان ظاهرها الشر المحض، فالشر فيها من جهة المقدور لا من جهة القدر، فالشر ليس إلى الله، عز وجل، وإن كان هو خالقه، فلا ينسب إليه، وإنما ينسب إلى الذات التي قام بها.
ولولا المصائب والمحن لما عرف الصادق من الكاذب، ولما استخرجت عبوديات الصبر والدعاء والجهاد ................... إلخ، وأقرب شاهد لمسألتنا هذه:
ما يعانيه إخواننا أهل السنة والجماعة، في العراق الحبيب، وقد عادت ظاهرة الجثث المجهولة إلى الظهور مرة أخرى بمعدلات مرتفعة بعد بداية المسرحية الهزلية المسماة بـ: "خطة بغداد الأمنية"!!!!!، فلولا الابتلاء لما اختار الله، عز وجل، منهم، رجالا ونساء، نحتسبهم عنده من الشهداء، ونرجو أن يدخلوا الجنة بلا سابقة عذاب جزاء ما لاقوه من تخويف واضطهاد وتعذيب في ذات الله، عز وجل، فما فعل بهم ما فعل إلا لأنهم أتباع سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، واختار رجالا أقام بهم سوق الجهاد، ذروة سنام الإسلام، فحملوا السلاح دفاعا عن جرثومة الدين، واختار نساء أقمن عبودية الدعاء، يتضرعن إليه في جوف الليل الآخر، ليرفع المحنة ويمكن لدينه وكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم في أرض الرافدين و:
لولا المشقة ساد الناس كلهم ******* الجود يفقر والإقدام قتال
فللسيادة ثمن، وقد اختار الله، عز وجل، إخواننا في العراق الحبيب، لصد هذه الهجمة الصليبية الكسروية المزدوجة، فهنيئا لمن قام بهذه المهمة وحمل أعباءها، والقوم أهل لهذا الشرف.
يقول ابن أبي العز، رحمه الله، مفصلا حكم خلق إبليس لعنه الله:
من ذلك: أنه خلق إبليس، الذي هو مادة لفساد الأديان والأعمال والاعتقادات والإرادات، وهو سبب لشقاوة كثير من العباد، وعملهم بما يغضب الرب سبحانه تبارك وتعالى وهو الساعي في وقوع خلاف ما يحبه الله ويرضاه. ومع هذا فهو وسيلة إلى محاب كثيرة للرب تعالى ترتبت على خلقه، ووجودها أحب إليه من عدمها.
منها: أنه يظهر للعباد قدرة الرب تعالى على خلق المتضادات المتقابلات، فخلق هذا الذات، التي هي أخبث الذوات وشرها، وهي سبب كل شر، في مقابلة ذات جبرائيل، التي هي من أشرف الذوات وأطهرها وأزكاها، وهي مادة كل خير، فتبارك خالق هذا وهذا. كما ظهرت قدرته في خلق الليل والنهار، والدواء والداء، والحياة والموت، والحسن والقبيح، والخير والشر. وذلك أدل دليل على كمال قدرته وعزته وملكه وسلطانه، فإنه خلق هذه المتضادات، وقابلها بعضها ببعض، وجعلها محال تصرفه وتدبيره. فخلو الوجود عن بعضها بالكلية تعطيل لحكمته وكمال تصرفه وتدبير ملكه. (والرب هو الذي يخلق الشيء وضده).
ومنها: ظهور آثار أسمائه القهرية، مثل: القهار، والمنتقم، والعدل، والضار، والشديد العقاب، والسريع العقاب، وذي البطش الشديد، والخافض، والمذل. فإن هذه الأسماء والأفعال كمال، لا بد من وجود متعلقها، ولو كان الجن والإنس على طبيعة الملائكة لم يظهر أثر هذه الأسماء.
¥