تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[خارج نطاق التغطية]

ـ[مثنى كاظم صادق]ــــــــ[28 - 04 - 2007, 01:40 ص]ـ

[خارج نطاق التغطية]

مثنى كاظم صادق

المثقف بالمفهوم اللاتيني الشائع هو كل من يعرف شيئا عن كل شيء أما بالمفهوم العربي فيتجه ليعطي معنى التقويم والتعديل فالعرب تقول: ثقف الرمح أي عدله وقومه وشذبه أي جعله أملسا فكل رمح معتدل القوام هو رمح مثقف أي رمح يدرك الرمية ويصل إليها بسهولة وانسياب ولذلك يقولون: ثقفناه في مكان كذا وكذا أي أدركناه أما الرجل المدرك الواعي فيدعى مثقفا أي رجل حاذق فطن والثقافة تكتسب من المناقشة المنتجة والقراءة والكتابة والخطابة قال الشاعر: (من يعدل الشيخ الرئيس ثقافة / وكتابة وخطابة وحوارا) والشيخ الرئيس هو ابن سينا الذي برع في كل علم وأدب لذا فهو من المثقفين المبرزين , وهذا يجرنا إلى أن نطح القضية التالية هل أن كل عالم مثقف؟ والجواب كلا لأن العالم المختص بعلمه فقط يسمى عالما ولا يسمى مثقفا أما ابن سينا الذي برع في كل علم وفن فقد كان عالما ومثقفا في الوقت نفسه لأنه عالم في الطب الذي اشتهر به ومثقفا مطلعا إطلاعا عميقا على الفلسفة والرياضيات والأدب والفقه والقانون ملما بها فهو مثقف والثقافة تأتي عن تدريب وتبصرة كما يقول الشاعر: (وثقفوهم بتقويم وتبصرة / ثقافة تجعل المعوج معتدلا) لذا فالعالم مبدع لأنه مبتكر أما المثقف فيأتي بعد العالم كمطلع وأحيانا منظر (بكسر الظاء) أما ايهما اسبق الثقافة أم العلم؟ فعملية التعلم هي اللبنة الأولى في حياة الإنسان فالإنسان يتعلم أولا ثم يتثقف ثانيا والثقافة تأتي أحيانا عن طريق السفر والاحتكاك بالناس وكثرة التجارب في الحياة وتعلم الحوار والمناقشة والإطلاع على الآخر واستيعابه. إن المثقف بالمفهوم المعروف هو كل من يقرأ الكتب وهنا تعددت آراء بعض الأيدلوجيات والاتجاهات الفكرية فينظر المثاليون إلى القراءة على أنها كمال بشري أما البراغماتيون فيرون بالقراءة على أنها يمكن أن تجود للإنسان بالمنفعة أما الوجوديون فيرون بالقراءة حالة للوصول إلى معرفة ماهية وجود الإنسان في الحياة ويمكن أن نجمع هذه الآراء ونقول إن القراءة ـــ وهي البذرة الأولى للثقافة ـــ يمكن أن توصل الإنسان إلى حوار إنساني متكافيء مع أخيه الإنسان هذا إذا كان هذا الإنسان (الآخر) مثقفا والمثقف باللغة العصرية الحديثة هو ذلك الإنسان الذي يستوعب الآخر دون أن يشطب على أفكاره ويجعله هامشيا ملغيا معتقدا أن أفكاره المتوارثة أو المكتسبة أو المقروءة هي الأفكار الصحيحة وغيرها خطأ فالثقافة هي الإطلاع على الأديان والآداب والفنون والفلسفة والإفادة منها ومن الطرح الموجود فيها وقد تجد إنسانا جاهلا يحمل شهادة وقد تجد المثقف بلا شهادة وقد تلتقي الثقافة مع الشهادة.

على الإنسان أن يتثقف ويحمل الثقافة لا ليتفذلك بها في المجالس وإنما لكي تفيده وتشذبه وتعدله لكي يكون (إنسانا) واضع هذه الكلمة بين قوسين لأنها أصبحت كلمة لا يستحق حملها الكثير من البشر الذين أهلهم (عدم الإطلاع) إلى التحكم بمصائر الناس وحياتهم لأنهم يختلفون معهم في الرأي أو المعتقد. ثمة حكمة لشاعر الهند الكبير طاغور هي: (عندما يكون الأنسان كالحيوان يكون عندئذ أسوا من الحيوان) فالثقافة تعمل على أنسنة الأنسان وإعادة تشكيله نحو الأفضل لكي يتوصل مع أقرانه إلى التصادق الروحي أما الذين يصرون على إلغاء الآخر فيبقون دائما خارج نطاق التغطية.

ـ[الأسد]ــــــــ[02 - 05 - 2007, 01:53 ص]ـ

أوافقك الرأي أخي مثنى فالإنسانية قد لا تتوفر في كل إنسان , وعلى ذلك يجب على كل إنسان أن يتأكد من (أنسنة) نفسه , والله تعالى إنما خلق الإنسان في أحسن تقويم , وكرمه على كثير ممن خلق؛ لكي يكون على ذلك القدر الذي منحه ربه وأكرمه به.

شكرا على الموضوع القيم وتقبل تحياتي ومروري.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير