[إدارة الجودة الشاملة في المؤسسات التربوية التعليمية]
ـ[د. مسعد محمد زياد]ــــــــ[09 - 05 - 2007, 08:03 ص]ـ
[إدارة الجودة الشاملة في المؤسسات التربوية التعليمية]
مقدمة
إن التحديات العالمية المعاصرة تحتم على المنظمات الاقتصادية انتهاج الأسلوب العلمي الواعي في مواجهة هذه التحديات واستثمار الطاقات الإنسانية الفاعلة في ترصين الأداء التشغيلي والبيعي بمرونة أكثر كفاءة وفاعلية، ومن أكثر الجوانب الإدارية الهادفة إدارة الجودة الشاملة، التي أصبحت الآن وبفضل الكم الهائل في المعلومات وتقنيات الاتصال سمة مميزة لمعطيات الفكر الإنساني الحديث وهذا ما يمكن ملاحظته في المؤسسات الصناعية والهيئات والمنظمات بشكل عام.
أما في المجال التربوي فإن القائمين عليه يسعون من خلال تطبيق إدارة الجودة الشاملة إلى إحداث تطوير نوعي لدورة العمل في المدارس بما يتلاءم مع والمستجدات التربوية والتعليمية والإدارية، ويواكب التطورات الساعية لتحقيق التميز في كافة العمليات التي تقوم بها المؤسسة التربوية.
مفهوم الجودة:
أولا ـ المفهوم من منظور إسلامي:
قبل أن نستعرض بعض تعاريف الجودة الشاملة، لا بد أن ندرك أن ديننا الإسلامي الحنيف أشار إليها أشارات واضحة من خلال النصوص القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة قبل أكثر من أربعة عشر قرنا من الزمان، فقال عز من قائل (الذي خلق الموت والحياة أيكم أحسن عملا) 2 تبارك.
وقال تعالى في سورة يوسف عليه السلام عندما اصطفاه طلب الملك منه أن يوليه خزائن مصر لأنه أدرى وأقدر على إجادة عمله، وعبر عن ذلك بصفتي الحفظ والعلم كأساس لنجاح عمله وسبب جودته وإتقانه (قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم) 55 يوسف. كما أورد سبحانه وتعالى في آية أخرى أهمية التحلي بصفتي القوة والأمانة فقال تعالى (قالت إحداهما يا أبتِ استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين). ويلاحظ أن مفهوم هاتين الصفتين يدور حول محاسن العمل وإتقانه. وقال عليه الصلاة وأتم التسليم " إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه " والإتقان يعنى الجودة في أكمل صورها.
غير أنه لم يكن ثمة تعريف محدد لمفهوم إدارة الجودة الشاملة، بل كثرت تعريفاتها وتعددت مفاهيمها وذلك بحسب النظر إليها من جوانب متعددة، شانها في ذلك شأن جميع مفاهيم العلوم الإنسانية، ومن كل التعاريف المختلفة التي أطلقتها المنظمات المتخصصة في
إدارة الجودة الشاملة والمهتمون بها، أرى أن دلالات الكلمات المكونة لهذا المفهوم تعني الآتي: ـ
الإدارة: هي القدرة على التأثير في الآخرين لبلوغ الأهداف المرغوبة.
الجودة: تعني الوفاء بمتطلبات المستفيد وتجاوزها.
الشاملة: تعني البحث عن الجودة في كل جانب من جوانب العمل، ابتداء من التعرف على احتياجات المستفيد وانتهاء بتقويم رضا المستفيد من الخدمات أو المنتجات المقدمة له.
كما أننا نستطيع القول بأن إدارة الجود الشاملة تعني في مجملها " أنها نظام يتضمن مجموعة من الفلسفات الفكرية المتكاملة والأدوات الإحصائية والعمليات الإدارية المستخدمة لتحقيق الأهداف، ورفع مستوى رضا العميل والموظف على حد سواء، وذلك من خلال التحسين المستمر للمؤسسة وبمشاركة فعَّالة من الجميع من أجل منفعة الشركة والتطوير الذاتي لموظفيها، وبالتالي تحسين نوعية الحياة في المجتمع.
ويشير جابلونسكي إلى أن مفهوم إدارة الجودة الشاملة كغيره من المفاهيم الإدارية التي تتباين بشأنه المفاهيم والأفكار وفقاً لزاوية النظر من قبل هذا الباحث أو ذاك إلا أن هذا التباين الشكلي في المفاهيم يكاد يكون متماثلاً في المضامين الهادفة إذ إنه يتمحور حول الهدف الذي تسعى لتحقيقه المنظمة والذي يتمثل بالمستهلك من خلال تفاعل كافة الأطراف الفاعلة فيها.
وتعتبر كل مؤسسة حالة فريدة بحيث لا يمكن اعتبار مؤسستين أنهما متشابهتان حتى ولو كانتا تمارسان نفس النشاط ـ كما هو الحال في المؤسسات التربوية ـ سواء كانت هذه المؤسسة عامة أو خاصة، صناعية أو خدماتية، تعمل على أساس الربح أم لا.
وَتمثِّل كل شركة ثقافة مشتركة والتي تعتبر حالة فريدة ومنفصلة ومختلفة عن الآخرين.
¥