تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[عن عمرو خالد ومسألة التعايش < مقاربة أولى]

ـ[فتحي قاسم]ــــــــ[10 - 04 - 2007, 01:11 م]ـ

عمرو خالد ومسألة التعايش

مقاربة أولى

لي على النهج الذي يستخدمه عمرو خالد – وهو نجم تلفزيوني بلا شك – الكثير من التحفظات والملاحظات بل وحتى أكون أمينا مع الحق ومع نفسي ومع من يقرأ ما أكتب أقول إني من معارضي هذا النهج وممن يرون أنه يضر أكثر مما ينفع وقد كنت أعد موضوعا أتحدث فيه عن هذه المسألة بما ييسر لي المولى عز وجل في ذلك لكني بعد أن بدأ عمرو خالد برنامجه الجديد الذي يأتي تحت عنوان عريض هو التعايش وهو مفهوم يثير بحد ذاته الكثير من الملاحظات وعلامات الاستفهام آثرت أن أشغل قلمي بهذا الموضوع أولا. لكني أؤجل الدخول في صلب الموضوع مفضلا أن أبدأ بذكر بعض الملاحظات عن بعض النقاط والأمور التي وردت في البرنامج المذكور في الحلقة التي بدأ فيها الحديث عن الإمام أبي حنيفة النعمان.

1 - يذكر عمرو خالد في حديثه الكوفة التي يصفها بأنها لم تكن مدينة صغيرة فقط حسب قوله " بل كان بها مسجد ضخم جدا في ذلك الوقت يسع أربعين ألف مصل " وأنا لا أريد أكثر من الإشارة إلى ضرورة تحري تطابق ما نذكره مع الحقائق التي تقبلها طبائع الأشياء وأضع إستفهاما بخصوص هذا المسجد الذي يكون بهذا الحجم في كوفة ذلك الزمن ثم أضع إستفهاما آخر حول المغزى المراد من ذكر مثل هذا الخبر في السياق الذي ورد فيه مؤكدا على أن عدم إحترام العقل بالتعلق بذكر ما لا تقبله الوقائع الإجتماعية الخاضعة لسنن موضوعية ثابتة كان ابن خلدون رائدا في محاكمة الوقائع التاريخية بموازينها هو أمر يدعم إنحرافنا وضعفنا الفكري ويزيد من سوء تعاطينا مع المسائل المختلفة التي يكون البعض منها من أكثر المسائل حيوية وأهمية في حياتنا.هذا في الوقت الذي نحن فيه في أمس الحاجة لإصلاح مثل هذا الخلل الفكري على أن نلاحظ أيضا أن مما يترتب عن استخدام مثل هذا الأسلوب في ذكر الأمور المخالفة لما يقبله العقل الصادق مع نفسه هو انتشار الكسل العقلي أو على وجه أصح البلادة والبلاهة العقلية التي تجعل العقل مجرد مستقبل ساذج يقوم مقام الإناء الفارغ الذي يتقبل كل ما يسكب فيه مع فارق الإنبهار الذي قد يخامر هذا العقل بما يسكب فيه لكنه بكل تأكيد لا يخامر الإناء على الاطلاق.

2 - وأريد أيضا أن نعود إلى فهم الوقائع التاريخية كما حدثت معتمدين على دقة فهم الظروف المحيطة بالإنسان صاحب الفعل أو الواقعة التاريخية وعلى حسن تقمص وعيه الذي يجب ألا ينفك عن واقعه أو عن زمنه وهنا أتساءل عن صحة هذا التعليل الذي ذكر لنقل الإمام علي بن أبي طالب لمقر الخلافة الإسلامية إلى الكوفة وهل كانت الإرادة الكامنة وراء ذلك فعلا هي رغبته في أن يكون قرب المشاكل حتى يكون أقدر على حلها كما تعلم ذلك من النبي صلى الله عليه وآله وسلم حسب قول صاحب البرنامج وهي صياغة توحي بالاختيار المتعمد من الإمام علي لهذا العمل تطبيقا لمبدأ عام تعلمه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو أمر لا يثبته هذا الذي ذكره بخصوص أهل الصفة فهل بوسعنا أن نفهم أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يستوحون من فعله صلى الله عليه وآله وسلم مثل هذه المباديء الإدارية أم كانوا يفسرون ويفهمون الأمر وفق مباديء ومفاهيم أكثر دينية مثل العطف والرحمة ونية التبليغ والحرص على التعليم. ثم لننظر أيضا إلى هذا التعليق الذي جاد به علينا صاحب البرنامج عقب ذكر هذا الكلام " إننا الآن نجد العشوائيات مهملة في أماكن بعيدة لا أحد يعلم عنها شيئا" ولنلاحظ هذا الإنجرار والانسياق غير المسئول وراء اللغة وهو ما يؤدي في العادة إلى انعدام الأمانة الفكرية فهل هذا الوصف للعشوائيات المهملة هو وصف أمين وصادق فعلا أليست العشوائيات كما يعلم الجميع على مرمى بصر الجميع لأنها لا تنشأ بعيدا كما ذكر بل هي كما جرت العادة على وصفها تمثل حزام البؤس الذي يحيط بالمدن الكبيرة ذات الأحياء المرفهة والفقيرة ومنها العواصم ذاتها وقرب العشوائيات من محيط القاهرة أمر معروف فهل يغيب هذا عن البصر أو عن البصيرة خاصة في عصر الإعلام الذي ينبش حتى ما تحت التراب وينقل كل شيء لكل أحد.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير