تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

بعد كل هذا يمكن أن أحدد بعض المآخذ على الفكرة الأساسية لهذا البرنامج والمتمثلة في مفهوم التعايش في التقاط التالية

1 - يمكن التعاطي مع مفهوم التعايش اعتمادا على منظورين مختلفين هما المنظولا الإسلامي والمنظور العقلي وبالرجوع غلى المنظور الأول لا يكون من الصعب القول أن هذا المفهوم ليس مفهوما إسلاميا يمكن قبوله بهذا الوصف ولا يعود الأمر هنا إلى مجردكون هذا المفهوم لم يرد بنصه داخل مجال النص الإسلامي أو حتى داخل مجال الخطاب الإسلامي الأوسع فهذه المسألة قد يكون بالإمكان تجاوزها لو تمكنا من تجاوز النقطة الآخرى الأكثر أساسية وهي عدم توافق هذا المفهوم مع المجاري الأساسية في النظام الفكري الإسلامي الذي يقوم تعاطيه مع الواقع على استخدام عدد من المفاهيم الأكثر قربا وتناغما مع حقيقة الواقع المتعدد الأوجه والعناصر والوقائع ففي مجال مقارب من ذات مجال مفهوم التعايش استخدم النظام الفكري الإسلامي مفاهيما مثل صلة الرحم بر الوالدين افحسان إلى الجار إغاثة الملهوف توقير الكبير العطف على الضعيف وهي كلها مفاهيم تعبر عن فضائل أخلاقية يمكن إدماجها في السلوك الديني بواسطة النية وهو ما لايمكن أن يحدث مع مفهوم التعايش الذي يبقى من هذه الزاوية مفهوما غريبا عن المجال الإسلامي ومن زاوية أخرى لا يمكن للإسلام أن يهضم مثل هذا المفهوم لعمومه المخل الذي يخرج به عن إطار التحديد الذي يخرجه بالتالي عن حدود الضبط السلوكي. فما الذي يعنيه التعايش من الناحية العملية؟ وما معنى أن نتعايش؟ ومع من ومع ماذا نتعايش؟ وما حدود هذا التعايش؟ أسئلة متعددة تضعنا أمام الحقيقة الهلامية لهذا المفهوم هذه الحقيقة التي تجعل هذا المفهوم يشبه سفينة نوح عليه السلام التي اجتمع فيها من الأصناف التي تتسم العلاقة بينها بالدموية الشيء الكثير مع فارق واضح يتمثل في كون ذلك الإجتماع في سفينة نوح عليه السلام كان حالة استثنائية خارجة عن طبيعة الحياة التي تجعل من بعض الأصناف مفترسا كما تجعل من البعض الآخر فريسة أما بالنسبة لمفهوم التعايش فليس الأمر على هذه الصورة إذ لا تطرح علينا هنا حالة إستثنائية إنما هي حالة هي في ذاتها الحياة الإنسانية في امتدادها اليومي المتاقب على مر الزمن. فهل يقبل الإسلام مثل هذه الصورة؟ ألا يتعارض ذلك مع الكثير من المفاهيم التي تعطي الحياة الإنسانية طابعها الإسلامي؟ ولنبدأ بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولنثني بانصر أخاك ظالما أو مظلوما قيل يا رسول الله نصرته مظلوما فكيف أنصره ظالما؟ قال: تمنعه من الظلم فذاك نصرك غياه ولا ننسى (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين وفرقوا بينهم في المضاجع) ولننظر في قوله تعالى} لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا {النساء. وقوله تعالى في نفس السورة

} وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا {وما دمنا في سورة النساء فلننظر في قوله تعالى فيها

} وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا {ولنتأمل المفهوم الذي ذكره الله تعالى في سياق أمره هذا وهو مفهوم الإحسان وأين منه هذا المفهوم الغريب الدخيل _ التعايش – ثم انظر كيف فصل عز وجل بذكر هذه الأصناف إشعارا بكون الإحسان فضيلة تتجلى في أفعال مخصوصة في أحوال خاصة ولم يترك الأمر لعموم مخل.

وللحديث بقية

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير