تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وهو القائم على خلقه، يحصي عليهم أعمالهم، (لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)، (يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى)، يقول ابن كثير رحمه الله: وهو القائم على كل نفس بما كسبت، الرقيب على جميع الأشياء، فلا يعزب عنه شيء ولا يغيب عنه شيء، والأشياء كلها حقيرة بين يديه متواضعة ذليلة صغيرة بالنسبة إليه، محتاجة فقيرة وهو الغني الحميد الفعال لما يريد، الذي لا يسأل عما يفعل وهم يسألون. وهو القاهر لكل شيء الحسيب على كل شيء الرقيب العلي العظيم لا إله غيره ولا رب سواه. اهـ

فله جل وعلا: كمال الحياة وكمال القيومية، فسبحان من تفرد بالكمال وتنزه عن النقص.

يقول النووي رحمه الله:

"قَالَ الْعُلَمَاء: إِنَّمَا تَمَيَّزَتْ آيَة الْكُرْسِيّ بِكَوْنِهَا أَعْظَم لِمَا جَمَعَتْ مِنْ أُصُول الْأَسْمَاء وَالصِّفَات مِنْ الْإِلَهِيَّة والْوَحْدَانِيَّة وَالْحَيَاة وَالْعِلْم وَالْمُلْك وَالْقُدْرَة وَالْإِرَادَة، وَهَذِهِ السَّبْعَة أُصُول الْأَسْمَاء وَالصِّفَات. وَاللَّهُ أَعْلَمُ".

"شرح مسلم"، (3/ 164).

وقد ناقش، النووي، رحمه الله، في "شرح مسلم" عند كلامه على هذه الآية مسألة لطيفة، وهي مسألة: تفاضل آي القرآن، فقال:

قَالَ الْقَاضِي عِيَاض: فِيهِ حُجَّة لِلْقَوْلِ بِجَوَازِ تَفْضِيل بَعْض الْقُرْآن عَلَى بَعْض، وَتَفْضِيله عَلَى سَائِر كُتُب اللَّه تَعَالَى. قَالَ: وَفِيهِ خِلَاف لِلْعُلَمَاءِ فَمَنَعَ مِنْهُ أَبُو الْحَسَن الْأَشْعَرِيّ وَأَبُو بَكْر الْبَاقِلَّانِيّ وَجَمَاعَة مِنْ الْفُقَهَاء وَالْعُلَمَاء؛ لِأَنَّ تَفْضِيل بَعْضه يَقْتَضِي نَقْص الْمَفْضُول، وَلَيْسَ فِي كَلَام اللَّه نَقْص بِهِ، وَتَأَوَّلَ هَؤُلَاءِ مَا وَرَدَ مِنْ إِطْلَاق أَعْظَم وَأَفْضَل فِي بَعْض الْآيَات وَالسُّوَر. بِمَعْنَى عَظِيم وَفَاضِل، وَأَجَازَ ذَلِكَ إِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ وَغَيْره مِنْ الْعُلَمَاء وَالْمُتَكَلِّمِينَ، قَالُوا: وَهُوَ رَاجِع إِلَى عِظَم أَجْر قَارِئ ذَلِكَ وَجَزِيل ثَوَابه، وَالْمُخْتَار جَوَاز قَوْل هَذِهِ الْآيَة أَوْ السُّورَة أَعْظَم أَوْ أَفْضَل، بِمَعْنَى أَنَّ الثَّوَاب الْمُتَعَلِّق بِهَا أَكْثَر وَهُوَ مَعْنَى الْحَدِيث، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ

"شرح مسلم"، (3/ 164).

وقد حقق ابن تيمية، رحمه الله، هذه المسألة في "جواب أهل العلم والإيمان"، فقال:

فمعلوم أن الكلام له نسبتان: نسبة إلى المتكلم به، ونسبة إلى المتكلم فيه. فهو يتفاضل باعتبار النسبتين وباعتبار نفسه أيضا مثل الكلام الخبري له نسبتان: نسبة إلى المتكلم المخبر ونسبة إلى المخبر عنه المتكلم فيه. فـ: {قل هو الله أحد} و {تبت يدا أبي لهب} كلاهما كلام الله وهما مشتركان من هذه الجهة لكنهما متفاضلان من جهة المتكلم فيه المخبر عنه. فهذه كلام الله وخبره الذي يخبر به عن نفسه وصفته التي يصف بها نفسه وكلامه الذي يتكلم به عن نفسه. وهذه كلام الله الذي يتكلم به عن بعض خلقه ويخبر به عنه ويصف به حاله وهما في هذه الجهة متفاضلان بحسب تفاضل المعنى المقصود بالكلامين. ألا ترى أن المخلوق يتكلم بكلام هو كله كلامه لكن كلامه الذي يذكر به ربه أعظم من كلامه الذي يذكر به بعض المخلوقات والجميع كلامه فاشتراك الكلامين بالنسبة إلى المتكلم لا يمنع تفاضلهما بالنسبة إلى المتكلم فيه. اهـ

فآيات وأحاديث الأسماء والصفات أشرف نصوص الوحيين لأنها تتكلم عن أسماء وصفات أشرف ذات: ذات الرب جل وعلا المتصفة بكل كمال المنزهة عن كل نقص.

والله أعلى وأعلم.

ـ[أبو طارق]ــــــــ[08 - 05 - 2007, 04:34 م]ـ

سلمت أناملك أيها الفاضل

وجزاك الله خير الجزاء

ـ[الحارث السماوي]ــــــــ[08 - 05 - 2007, 05:04 م]ـ

بارك الله فيك

كلام يقطر درر

لا أملك إلا الدعاء لك جزاءاً لك

وسيكون في القلب أفضل من العلانيه

لا فض فوك

دمت بود

ـ[أبو لين]ــــــــ[08 - 05 - 2007, 08:34 م]ـ

جزاك الله الف ألف خير أخي مهاجر.

ـ[الجنوبي]ــــــــ[09 - 05 - 2007, 12:50 ص]ـ

بارك الله فيك ونفع بك


لكم تحيتي

ـ[محمد السباعى]ــــــــ[09 - 05 - 2007, 02:10 ص]ـ
جزاك الله خير يااخى الكريم

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير