و أن نعطيه الصدقة ليعطيها بنفسه للفقير والمحتاج،ليشاركنا الأجر، ويشعر بحلاوة ذلك ويعتاده.
ونعلِّمه أن التصدق لا يكون بالمال فقط، وإنما بالملابس، والأحذية والكتب،والحلوى، والآنية، والأدوات المدرسية ... وما إلى ذلك من الأغراض التي تزيد عن حاجتنا،و يمكن أن يحتاجها الفقراء.
وجدير بالذكر أن الطفل في نهاية هذه المرحلة يكون أكثر حرصاً على ممتلكاته، وأشد اهتماماً بأناقته وحسن مظهره من ذي قبل، فإذا رفض التصدق من ملابسه وأحذيته مثلاً، تركناه كما يشاء،و اقترحنا عليه أن يتصدق من لعبه أو كتبه، أو غير ذلك مما يختاره هو، ولا ينبغي أبداً أن نُكرهه على الصدقة، أو غيرها، ولنتذكر قول الله تعالى: " لا إكراهَ في الدين"
ويمكن أن نخصص في البيت صندوقاً للصدقات يضع فيه الوالدان والأولاد ما هم في غنى عنه أو ما يستطيعون التصدق به، وكلما امتلأ قاموا بترتيب هذه الأغراض وأعطوها لمن يستحقها.
وينبغي أن نخبره بأن الصدقة (تحفظ المال من الآفات والمُهلكات والمفاسد، وتحل فيه البركة، وتكون سبباً في إخلاف الله على صاحبها بما هو أنفع له وأكثر وأطيب،وقد دلت على ذلك النصوص الثابتة والتجربة المحسوسة؛ فمن النصوص الدالة على أن الصدقة جالبة للرزق قول من لا تنفد خزائنه:" وما أنفقتُم من شيء فهو يُخلفُه وهو خير ُالرازقين" {سبأ: 39)
كما نخبره بأن الأمر لا يقتصر على المجازاة على الصدقة بمثلها؛ بل يتجاوز ذلك إلى حال المتصدق عليه؛ إذ بمقدار إدخالها للسرور عليه، وإزالتها لشدائده، وتفريجها لمضايقه، وإصلاحها لحاله، ومعونتها له وسترها عليه؛ ينال المتصدق أجره من الله من جنس ذلك، يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "من نفَّس عن مؤمن كُربة من كُرب الدنيا نفَّس الله عنه كُربة من كُرب يوم القيامة، ومن يَسَّر على مُعسر يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "من يلقَ أخاه المسلم بما يحب لِيَسُرَّه بذلك، سرَّه الله يوم القيامة"
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بوقوع ذلك فقال صلى الله عليه وسلم: "كان تاجر يداين الناس، فإذا رأى معسراً قال لفتيانه: تجاوزوا عنه، لعل الله أن يتجاوز عنا، فتجاوز الله عنه")
وينبغي أن نحكي لهم أمثال القصص التالية:
قصة الحديقة
(قوله صلى الله عليه وسلم: " بينا رجل بفلاة من الأرض فسمع صوتاً في سحابة يقول:"إسقِ حديقة فلان، فتنحى ذلك السحاب فأفرغ ماءه في حرة (أرض ذات حجارة سوداء)؛ فإذا شرجة (ساقية) قد استوعبت ذلك الماء كله، فتتبع الماء فإذا رجل قائم في حديقته يحول الماء بمسحاته، فقال له: يا عبد الله! ما اسمك؟ قال: فلان ـ للاسم الذي سمع في السحابة ـ، فقال له:" يا عبد الله لِمَ تسألني عن اسمي؟ " فقال: "إني سمعت صوتاً في السحاب الذي هذا ماؤه يقول: اسق حديقة فلان ـ لاسمك ـ فماذا تصنع فيها؟ " قال: "أما إذ قلتَ هذا؛ فإني أنظر إلى ما يخرج منها فأتصدق بثلثه، وآكل أنا وعيالي ثلثه، وأرد فيها ثلثه" وفي رواية: "وأجعل ثلثه في المساكين والسائلين)
...
جزاء الصدقة
وقصة الرجل الذي اشترى حُلة، فتصدق بحُلتة القديمة، ثم جاءه مسكين، وفي يده رغيفاً،فأعطاه كسرة منه، ثم رأى أعمى قد ضل الطريق، فمشى معه وأرشده حتى وصل إلى غايته؛ فلما لقي ربه ورأى ثواب أعماله تلك؛ قال متحسراً:"يا ليتها كانت الجديدة (أي الحُلة)،يا ليته كان كله (أي رغيف الخبز)، يا ليته كان بعيداً (أي المشوار)
...
وقصة الأبرص،والأقرع،والأعمى الذين عافاهم الله تعالى ورزقهم؛ثم نسوا فضل الله عليهم ولم ينفقوا مما رزقهم، إلا الأعمى فرضي الله عنه وسخط على صاحبيه.
...
فإذا استقر حب الصدقة في قلب الطفل ونفسه ورأيناه بدأ يتصدق من مصروفه أعلمناه أن الله تعالى فرض على المسلم أن يعطي المحتاجين نسبة قليلة ينبغي حسابها بدقة،هذه النسبة تعد أقل بكثير من الصدقات التي ننفقها، هذه الفريضة هي الزكاة، ونحن لسنا مُخيَّرين في أن ننفقها وإنما نحن مخيرون في الصدقة فقط!
¥