• الرابعة أني نظرت إلى هذا الخلق فرأيت كل واحد منهم يرجع إلى المال والشرف والنسب، فنظرت فيها فإذا هي لا شيء ثم نظرت إلى قوله تعالى:" إن أكرمكم عند الله أتقاكم" فعملت في التقوى حتى أكون عند الله كريما.
• الخامسة أني نظرت إلى هذا الخلق وهم يطعن بعضهم في بعض، ويلعن بعضهم بعضاً، وأصلُ هذا كله الحسد ثم نظرت إلى قوله تعالى:" نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا"فتركت الحسد واجتنبت الخلق وعلمت أن القسمة عند الله فتركت عداوة الخلق عني.
• السادسة: نظرت إلى هذا الخلق يظلم بعضهم بعضا فرجعت إلى قوله تعالى:" إن الشيطان لكم عدوٌ فاتَّخِذوهُ عدواً"فعاديته وحده واجتهدت في أخذ حذري منه لأن الله تعالى شهد عليه أنه عدوٌ لي فتركت عداوة الخلق غيره.
• السابعة نظرت إلى هذا الخلق فرأيت الواحد منهم يطلب كسرة الخبز فيذل بها نفسه ويدخل فيما لا يحل له ثم نظرت إلى قوله تعالى:"وما من دابَّةٍ في الأرض إلا على اللهِ رزقُها " فعلمت أني واحد من هذه الدواب التي على الله رزقها فاشتغلت بما لله تعالى علي وتركت ما لي عنده.
• الثامنة: نظرت إلى هذا الخلق فرأيت منهم متوكلين، على مخلوق، هذا على عقاره وهذا على تجارته، وهذا على صناعته، وهذا على صحة بدنه، فرجعت على قوله تعالى:" ومن يتوكل على اللهِ فهو حسبُه" فتوكلت على الله فهو حسبي.
قال شقيق:" يا حاتم وفقك الله تعالى فإني نظرت في علوم التوراة والإنجيل والزبور، والفرقان العظيم فوجدت جميع أنواع الخير والديانة تدور على هذه الثمانية، فمن استعملها فقد استعمل الكتب الأربعة")
مجاهدة النفس:
يعد جهاد النفس أقوى وأشد من مجاهدة العدو،ومما يعين عليه أن يحدد الإنسان هدفه، فهل يريد الدنيا الفانية التي لا تساوي عند الله جناح بعوضة؟ أم رضا الله والجنة؟ وإذا كان يريد الجنة فعليه أن يعلم أنها سلعة الله الغاليه، ومن أجلها يجب أن يقدم الغالي والنفيس من الأوقات والأموال والجهد؛ ويتنازل عن الهوى والشهوات، ويستعين بالله على نفسه الأمارة بالسوء، ليطوِّعها ويجعل منها نفساً لوامة، وذلك بتربية الضمير لديه ومساعدته على الصبر على الحق والترفع عن الدنايا منذ نعومة أظفاره، كما ينبغي أن نحبب إليه الجميل من الأفعال ونبغِّض إليه القبيح منها.
فإذا عرف هدفه- وهو الفوز برضا الله –وأحبه؛ عاش له وبه،وأراح والديه وأسرته ومجتمعه واستراح.
دوام الاستغفار:
يجب أن نعلمه أن للاستغفار فوائد أخرى غير ستر الذنوب والخطايا ومحوها، وهي التي جاءت في الآيات (10 - 12) من سورة نوح:" فقلتُ استغفروا ربَّكم إنَّهُ كان غفَّارا،يرسل السماءَ عليكم مدرارا،ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا".
تجديد التوبة:
يجب أن يذكِّر الوالدين أبناءهم على الدوام بأن اليأس من رحمة الله وعفوه ذنب في حد ذاته لأنه يعطل أسماء كثيرة من أسماء الله الحسنى مثل: العفو، والغفور، والغفار، والغافر، والتواب. كما يذكِّرونهم بأن اليأس مدخل شيطاني يدخل به إبليس على قلب المؤمن ليعود به إلى المعصية،ثم الكفر – والعياذ بالله-رويداً رويدا، وينبغي أن يقولوا لهم دائما:" لا تيأسوا أبداً من رحمة الله،إن "الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم"، فالحذر من ارتكاب المعاصي واجب ولكن إن غلبت على الإنسان نفسه فعليه بالمسارعة بالتوبة، ولا ييأس من كثرة ذنوبه، فباب التوبة مفتوح للإنسان مادام لم يغرغر (أي يدخل في مراحل الموت) وأن يلزم باب الكريم ولا يبتعد عنه فينفرد به الشيطان وأعوانه؛ كما يجب أن يسمع الأولاد من والديهم قول "ابن القيم":
(لا تسأم من الوقوف على بابه ولو طُردت
ولا تقطع الاعتذار ولو رُددت
فإذا فُتح الباب للمقبولين فادخل دخول المتطفلين
وقل يا رب مسكين فتصدق علي فإنما الصدقات للفقراء والمساكين!!!)
كما ينبغي أن يسمعهما يتضرعان إلى الله بمثل هذه الأدعية:
" اللهم إن عظُمت ذنوبي فأنت أعظم وإن كبر تفريطي فأنت أكبر وإن دام بُخلي فأنت أجود"
" اللهم إن مغفرتك أوسع من ذنوبي ورحمتك أرجَى عندي من عملي"
عبادة الدعاء:
وهي التوجه لله سبحانه- دون غيره -بطلب ما يحتاجه المؤمن،وهي الاعتراف العملي بالافتقار إلى الواحد القهار ... فهل هناك أحد يعيش بدون مشاكل تؤرقه؟
وهل هناك أحد ليس لديه آمال يحلم بتحقيقها؟
¥