• هي من أطرف المسائل وأمتعها وأدقها في الفهم، فيطرد بها السآمة وينشط بها من الملالة، ويراح بها من الكلالة. لكن هي لأهلها، ومن أدخل نفسه فيما لا يعنيه رأى ما لا يرضيه.
- هل يمكن وصف علم النحوبأنه علم وُلد ثم وُئد فى مهده؟
• لا،لا يمكن ذلك،وهل يقول ذلك عاقل؟ ولا حرج على غير العقلاء في كل ما يقولون.
- اتفق النحاة على عدم الاستشهاد بشعر لم يعرف قائله فما الموقف من شواهد سيبويه المجهولة؟
• هذا سؤال قديم رد عليه البغدادي-رحمه الله- في الخزانة بأن الشاهد المجهول القائل إذا صدر من ثقة يعتمد عليه قُبِلَ. ومن أوثقُ من أبي بشر؟ وقد أجمعوا أنه يقال لمن جادل في ذلك:"لسنا ننكر أن تكون أنت لا تعرفها ولا أهل زمانك. وقد خرج كتاب سيبويه إلى الناس والعلماء كثير، والعناية بالعلم وتهذيبه أكيدة، ونظر فيه وفتش، فما طعن أحد من المتقدمين عليه، ولا ادعى أنه أتى بشعر منكر "، وللدكتور العلامة رمضان عبد التواب بحث ماتع بعنوان (أسطورة الأبيات الخمسين في كتاب سيبويه).ولا يزال المرء محترما عندي حتى يتكلم في الكتاب أو صاحبه بسوء؛ فيسقط من نظري؛ لأن ذلك لا يقصد به شخص سيبويه-رحمه الله-وإنما يقصد به الطعن في النحو كله؛ وهذا من وسائل أهل الضلال والإضلال الجبناء للطعن في الإسلام، ولا خلاف في كون العربية من الدين، فمن فيها فقد طعن فيه
- ما رأيك في تلكم الصعوبة التي تواجه الباحث عندما يتعرض لكتاب سيبويه؟ فهل كان سيبويه أعجميا لا يحسن التنسيق والتبويب؟ أم انه كان فصيحا ولكن هذه سمة أول كتاب في أي علم؟
• أجد بعض المبالغة في وصف الكتاب بالغموض والصعوبة وما إلى ذلك، والصحيح أن قارئه يحتاج إلى التدرب والتمرس على أسلوبه حتى يتعود عليه، ولا بد دون الشهد من إبر النحل.
أما سيبويه-رحمه الله-فهو عربي الوجه واليد واللسان، نشأ في بني حارث وهم من أفصح القبائل العربية، فلا غرو أن ينشأ الفتى فيهم كذلك. ويكذب كل من يدعي غير ذلك.
- كيف يمكن الاستفادةمن نظريات علم اللغة الحديثة؟ وهل يمكن تطبيقها على النحو العربي؟
• نظريات علم اللغة الحديثة منها ما هو من تراثنا، فهو بضاعتنا ردت إلينا بِلَبُوس جديد فظن الببغاوات منا أنه جديد جاء من هناك، وكل ما يأتي من هنا عندهم مقدس، فأبرقوا به وأرعدوا؛ جهلا منهم وسفها. ومنها-وهو الباقي- ما هو كلحم جمل غث على رأس جبل وعر، لا سهل فيرتقى ولا .... وهذا النوع لا يصلح للعربية ولا تصلح هي له، وإن حاول أهل الضلال اللغوي ليَّ أعناق الحقائق؛ ليجعلوا منه شيئا مذكورا عندنا، وما هم بقادرين، ولا يزالون يتخبطون وفي غيهم يسدرون إلا من رحم ربك، حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا، وإلى الله ترجع الأمور.
أيها المنكح الثريا سهيلا *عمرك الله كيف يلتقيان؟
هي شامية إذا استقلت * وسهيل إذا استقل يمان!
- بعض المشتغلين في حقل اللغويات يرى أن النحو لا يعد بالمعنى الصريح لسانية عربية؟
• لنتفق في البداية على مفهوم اللسانية العربية، فهذا القول عندي مدح للنحو من حيث لا يشعرون،وهو عندهم غمز ولمز، فويل لهؤلاء الهمزة اللمزة.
- ما رأيكم في تقسيم الآراء النحوية إلى مدارس ومذاهب لها أصول؟ وهل تراه – أي التقسيم – يثبت أمام التحري العلمي أم كيف ترى الأمر؟
• في هذا خطأ وصواب وحق وباطل وحقائق وأوهام، فأصل الخلاف في بعض الجوانب المنهجية موجود كعدد الشواهد التي يمكن أن نبني عليها قاعدة نحوية، ومعايير قبول الشاهد وشروط الراوي، وبعض الجوانب النظرية في التقدير والتأويل والإعراب، ونحو ذلك مما يرجع إلى أَصْلَي السماع والقياس، لكن ذلك كله لا يرقى لمفهوم المدرسة عند الغربيين في مدارسهم الأدبية والنقدية المعاصرة، مما فتن به بعض من هم من بني جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا. فمثلا ما خالف فيه الأخفش البصريين أكثر مما خالفهم فيه الفراء، إذاً أصبح الخلاف خلافا بين المناطق والبلاد، كل له أرضه وجمهوره المشجعون من العامة، على نحو ما يحدث في الفرق الرياضية عندنا، ولهذا لم تنسب المذاهب النحوية إلى الأعلام المؤسسين لها كما في المذاهب الكلامية والفقهية والفلسفية.
¥