تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الله، عز وجل، لم يقل: يا أيتها اللاتي آمن كتب عليكن الصيام.

أو في قوله تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ)، للذكور فقط، لأن الله، عز وجل، لم يقل: وأقمن الصلاة وآتين الزكاة.

وكذا الاستدلال بقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يحل دم امرئ يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا أحد ثلاثة نفر: النفس بالنفس , والثيب الزاني , والتارك لدينه المفارق للجماعة)، والحديث عند مسلم وأبي داود والترمذي وابن ماجة وأحمد، رحم الله الجميع، من حديث عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، وعند أبي يعلى الموصلي، رحمه الله، من حديث عائشة، رضي الله عنها، وفي لفظ عند أحمد والنسائي في الكبرى من حديث عائشة، ومن حديث عثمان، رضي الله عنه، عند النسائي في الكبرى أيضا: (لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ إِلَّا مَنْ زَنَى بَعْدَمَا أُحْصِنَ أَوْ كَفَرَ بَعْدَمَا أَسْلَم أَوْ قَتَلَ نَفْسًا فَقُتِلَ بِهَا).

فلا يقال الخبر ليس فيه ذكر المرأة فلم يقل: لا يحل دم امرأة مسلمة، لأن غالب خطابات الشريعة، كما تقدم، إنما خوطب بها الذكور على سبيل التغليب لا التنصيص.

ومن الأقوال السابقة تتضح أهمية معرفة أسباب نزول آي الكتاب، فالآية، بمفردها قد تؤيد، بادي الرأي، هذه الفتوى، ولكن الوقوف على سبب نزولها يحل الإشكال ويزيل الشبهة على ما تقدم بيانه، والعلم بالسبب يورث العلم بالمسبب، بفتح الباء الأولى، كما أشار إلى ذلك ابن تيمية رحمه الله.

فهي من قبيل فهم عروة، رحمه الله، بادي الرأي، من قوله تعالى: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا)، جواز ترك السعي، لأن لفظ "لا جناح": من ألفاظ الإباحة، والمباح مأذون الترك، حتى أوقفته عائشة، رضي الله عنها، على سبب نزولها، وهو تحرج الأنصار من السعي بينهما لأنهم كانوا يسعون أيام جاهليتهم، فلما جاء الإسلام كرهوا أن يفعلوا أمرا كانوا يفعلونه قبله.

ويوما ما استدعى الفاروق، رضي الله عنه، حبر الأمة: عبد الله بن عباس، رضي الله عنهما، لما تحير من إخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن افتراق هذه الأمة، مع أن دينها واحد وكتابها واحد، كما يقول دعاة التقريب بين الفرق الإسلامية في العصور المتأخرة، فأجابه الحبر الأريب، بأنهم شهدوا نزول القرآن، وعرفوا أسبابه، فتحصل لهم ما لم يتحصل لمن أتى بعدهم من عقل معانيه ومعرفة مقاصده، فهم أعلم الناس بمقاصد الشارع، عز وجل، عليهم كان يتنزل الوحي منجما ليوقفهم على حكم كل واقعة تنزل بهم، فضلا عن كونهم أفصح من كل من أتى بعدهم، فبلغتهم نزل الوحي، ومن جاء بعدهم، لا سيما في هذه العصور المتأخرة، فإنما هو ممن يصدق فيه قوله تعالى: (وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ)

وهذا حالنا اليوم، فقراءة القرآن عندنا: قراءة حروف لا حدود.

وهذه الفتوى شاهد جديد على حجية فهم السلف، أهل القرون الثلاثة المفضلة، فمعرفة أقوالهم خير من معرفة أقوال من أتى بعدهم، وكل من كان بأحوالهم أعلم كان من الصواب أقرب وعن الخطأ أبعد.

ومن اقترب من صاحب هذه الفتوى علم ما هو عليه من:

اجتهاد وتفان في تحرير المسائل العلمية، وهو ما جعله فتنة لكثير من طلبته، فمن أنصف عرف للرجل جهوده في نشر العلم وتدريسه، قبل توليه المنصب، من صباح يومه الباكر إلى نهايته، سواء في حلقات الدرس أو المحاضرات الأكاديمية في الجامعة، مع تلبسه ببدعة التصوف، على غلو فيه، وكونه على مذهب المتكلمين في العقائد.

وعرف استغناءه عما في أيدي القوم، فهو ليس من خريجي الكليات الشرعية ابتداء، وإنما تخرج في إحدى الكليات، أظنها: التجارة، ولم يشتغل بأمر الدنيا، وإنما اشتغل بتحصيل العلم الشرعي، ساعده على ذلك كونه من أسرة ثرية وفرت له النفقة في هذه الرحلة العلمية الشاقة، فمم يخش وهو في غنى عما في أيديهم أصلا؟!!!، وله من المكانة العلمية ما يجعله محط أنظار كثير من طلبة العلم الشرعي لا سيما من اهتم منهم بعلوم الآلات كالأصول والنحو ......... إلخ، فهو ممن برع فيها، فله من الوجاهة الدينية والدنيوية ما يجعله يصدع بالحق ولا يخشى فيه لومة لائم.

وعرف أيضا:

التضارب الشديد بين أقواله قبل توليه المنصب وبعد توليه، وهو أمر ظاهر على كل من تولى منصبا رسميا، إذ تتغير أقواله تبعا لهوى من ولاه المنصب، ولا فتنة أشد على العالم من فتنة السلطان، وفتاواه الغريبة التي أثارت الرأي العام في مصر خلال الفترة الماضية خير شاهد على ذلك.

وهذه الفتوى الخطيرة تفتح الباب على مصراعيه أمام المنظمات التنصيرية التي تسعى لاختراق مجتمع كالمجتمع المصري يتميز بكثافة سكانية عالية وفقر شديد يغلب على معظم أفراده، وبطالة وعنوسة ........... إلخ من المشاكل الاجتماعية التي يجيد القوم استغلالها.

وفي هذا الرابط تعليق موجز على هذه الفتوى الغريبة:

http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=62499

والله أعلى وأعلم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير