تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وهذا التوحيد هو من التوحيد الواجب، لكن لا يحصل به الواجب ولا يخلص بمجرده عن الإشراك الذي هو أكبر الكبائر، الذي لا يغفره الله بل لابد أن يخلص لله الدين، فلا يعبد إلا إياه، فيكون دينه لله.

والإله: هو المألوه الذي تألهه القلوب، وكونه يستحق الإلهية مستلزم لصفات الكمال، فلا يستحق أن يكون معبوداً محبوباً لذاته إلا هو وكل عمل لا يراد به وجهه فهو باطل، وعبادة غيره وحب غيره يوجب الفساد. كما قال تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} وقد بسطنا الكلام على هذا في غير هذا الموضع.

وبينا أن هذه الآية ليس المقصود بها ما يقوله من يقوله من أهل الكلام، من ذكر دليل التمانع الدال على وحدانية الرب تعالى، فإن التمانع يمنع وجود المفعول لا يوجب فساده بعد وجوده، وذلك يذكر في الأسباب والبدايات التي تجري مجرى العلل الفاعلات. والثاني يذكر في الحكم والنهايات التي تذكر في العلل التي هي الغايات، كما في قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} فقدم الغاية المقصودة على الوسيلة الموصلة. كما قد بسط في غير هذا الموضع.

ثم إن طائفة ممن تكلم في تحقيق التوحيد على طريق أهل التصوف، ظن أن توحيد الربوبية هو الغاية، والفناء فيه هو النهاية، وأنه إذا شهد ذلك سقط عنه استحسان الحسن، واستقباح القبح، فآل بهم الأمر إلى تعطيل الأمر والنهي، والوعد والوعيد. ولم يفرقوا بين مشيئته الشاملة لجميع المخلوقات، وبين محبته ورضاه المختص بالطاعات، وبين كلماته الكونيات التي لا يجاوزها بر ولا فاجر، لشمول القدر لكل مخلوق، وكلماته الدينيات التي اختص بموافقتها أنبياؤه وأولياؤه.

فالعبد مع شهوده الربوبية العامة الشاملة للمؤمن والكافر، والبر والفاجر عليه أن يشهد ألوهيته التي اختص بها عباده المؤمنين، الذين عبدوه وأطاعوا أمره، واتبعوا رسله". اهـ

وأشار، رحمه الله، إلى طرف من ذلك في "التدمرية" بقوله:

"بل الإله الحق هو الذي يستحق بأن يعبد فهو: إله بمعنى مألوه، لا إله بمعنى آله، والتوحيد أن يعبد الله وحده لا شريك له والإشراك أن يجعل مع الله إلها آخر". اهـ

وبهذا تنتهي هذه المداخلات، أسأل الله، عز وجل، أن ينفع بها كاتبها وقارئها، وهي فرع على أصل، ولا غنى للفرع عن أصله، وأصلها، كما تقدم في بداية المشاركات بحث الشيخ الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني، حفظه الله وسدده، "أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة"، وهذا رابط له:

http://www.saaid.net/book/open.php?cat=1&book=1668

فلزم الرجوع إليه، لتكتمل الفائدة، وهو كأي بحث بشري: عرضة للصواب والخطأ، والمسألة ليست قطعية لا يجوز الاجتهاد فيها، كما ادعى ذلك بعض المغرضين من غير المسلمين ممن استغل طرح العلماء قديما وحديثا لهذه المسألة، وزعم على شاشة فضائية مشبوهة أن المسلمين يغيرون ثوابتهم الدينية لمجرد اختلاف اجتهاد عالم عن اجتهاد آخر في تحديد بعض الأسماء!!!!، وهي كالعادة دعوات تتميز بقدر كبير من الجهل والتهويل، فحديث الأسماء الشهير: حديث ضعيف قد أدرج فيه الراوي من اجتهاده ما ليس من أصله، كما سبقت الإشارة إلى ذلك، وعلماء أهل السنة لم يجتهدوا في هذا الباب التوقيفي بعقولهم فأجازوا كالفلاسفة والنصارى والمعتزلة من الإسلاميين تسمية الله، عز وجل، بما لم يسم به نفسه، أو يسمه به رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وإنما نظروا في النصوص، فهي منطلقهم في هذا الباب، فوقع الاختلاف في تحديد الأسماء تبعا لاختلاف اجتهادهم، فما رآه أحدهم اسما مطلقا رآه الآخر مقيدا أو وصفا لا اسما ......... إلخ من أسباب اختلاف الاجتهاد في هذا الباب، فضلا عن اختلافهم في جواز اشتقاق اسم لله، عز وجل، من صفة ثابتة بالكتاب أو السنة، فقد أجاز بعض أهل العلم ذلك، فأجازوا نحو: "المنعم"، و "الستار"، و "المبدئ" ........ إلخ بضوابط من أهمها: أن تكون الصفة صفة كمال مطلق، ومنع الجمهور ذلك لأن الباب كما تقدم مرارا: توقيفي محض، وهذا هو القول الراجح والله أعلم.

والله أعلى وأعلم.

تمت بحمد الله.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير