تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

النظامة ثم سمي الرتابة ثم سمي الحاسوب ثم سمي بالحاسب الآلي ثم سمي بعد ذلك بالعقل الإلكتروني وهذه أسماء كثيرة كلها لبعض وظائف هذه الآلة المحدثة، لكن بتطور الزمان وبتطور الدلالات لا بد أن يثبت اسم واحد لهذه الآلة يكون اسما عالميا مشهورا، وكذلك لما طرأت آلة الفاكس للإرسال الكتابي عن طريق الاتصالات الهاتفية، إما عن طريق الكابلات أو عن طريق الأقمار الصناعية أو عن طريق الألياف الزجاجية سميت في البداية كذلك بالناقل، ثم سميت كذلك بالهاتف الكاتب، ثم سميت بعد ذلك بالكاتوب، وغيرها من المصطلحات فبتطور الزمن سيختار اسم واحد يضع الله عليه القبول وينتشر بين الناس، لا شك أن البشر متنوعون في الأذواق وفي البيئة وفي أنماط الحياة وبسبب ذلك تنوعت لغاتهم واختلفت، وقد نص العلماء على أن الله تعالى علم آدم اثنتين وسبعين لغة وهي أصول لغات العالم، وهذه اللغات تنطلق إلى سلالات، سلالات لغوية أصلها أربع فقط ومنها تتشعب بقية اللغات كلها حتى تصل إلى العد الموجود اليوم، ففي الهند وحدها 450 لغة، في دولة وحدة في الهند وحدها، وهذه اللغات بعضها يكون مشتقا من بعض بالتداخل، كحال اللغة الفارسية مع اللغة البشتونية، واللغة الأردية مع الفارسية ومع العربية، واللغة التركية كذلك مع اللغة العربية في التداخل في كثير من المفردات، وكذلك فإن بعض اللغات يكون قابلا للتطور بسرعة هائلة، فيتجدد، تتجدد دلالاته ومصطلحاته ومن ذلك اللغة الإنجليزية، واللغة الفرنسية إلى حد ما، فإن ألفاظها تتناقل وتتجدد ومن هنا فنسبة عشر بالمائة من اللغة الفرنسية هو من الكلمات المنقولة إما من اللغة الإغريقية أو من اللغة الرومانية أو غيرها من اللغات حتى من اللغة العربية، لكن هذه اللغات سواء كانت توقيفية أو كانت إلهامية فإن كل ذلك يرجع إلى الاختيار الرباني والاصطفاء الإلهي والقبول الذي يضعه الله على الكلمات حتى تتناسب مع الأذواق، فالحسن والقبح بمعنى ملاءمة الطبع ومنافرته ووصف الكمال والنقص أمر عقلي، وبمعنى ترتب الثواب والعقاب عاجلا أو آجلا أمر شرعي، ومن هنا قد حصل الخلاف بين أهل السنة والمعتزلة فيما يتعلق بالتحسين والتقبيح، والخلاف ينبغي أن يكون لفظيا لأن الحسن والقبح بمعنى ملاءمة الطبع ومنافرته لا شك أن هذا راجع إلى العقل، أما الحسن والقبح بمعنى ترتب الثواب والعقاب فهذا شرعي قطعا لا بد فيه من وحي، فالخلاف إذن يمكن أن يرجع إلى خلاف لفظي ولا تترتب عليه أحكام كثيرة، وإذا كان الأمر كذلك وكان الأمر راجعا إلى أن الله سبحانه وتعالى يضع القبول على بعض الكلمات فتناسب أذواق أكبر حد من البشر، فإن هذه اللغة العربية قد اصطفاها الله على غيرها من اللغات، وشرفها على غيرها من اللغات، وتكلم بها سبحانه وتعالى بهذا القرآن الذي تحدى به الثقلين الإنس والجن أن يأتوا بسورة من مثله، فأقصر سورة في كتاب الله هي سورة الكوثر، وهي ثلاث آيات وقد تحدى الله الثقلين الإنس والجن على مر الدهور منذ أنزلت هذه السورة بمكة أن يأتوا بسورة من مثلها، قدر ثلاث آيات فقط، وإلى الآن جاء كثير من المحاولات الفاشلة وباءت كلها بالفشل، بل إن تلك المحاولات إذا سمع العقلاء بعضها ضحكوا واشتد هزؤهم منه كمحاولات مسيلمة الكذاب فهي غاية في السخافة وعدم الانسجام وذلك أنه اتجه إلى اتجاه واحد وهو تركيب الألفاظ دون النظر إلى الإعجاز المعنوي والإعجاز العلمي والإعجاز التشريعي وغيرها من أنواع الإعجاز التي جعلها الله في القرآن، إذن اختيار هذه اللغة هو اختيار رباني بوحي من عند الله سبحانه وتعالى واصطفاء منه لا معقب لحكمه، {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} ولو جاء الناس فصوتوا وجاءت أغلبيتهم على رفض هذه اللغة فإن ذلك لا يقلل نفوذها ولا يقلل القبول الذي جعل الله عليها، لأنه اصطفاء من عند الله لا يستطيع الناس رفضه ولا تجاهله، ومن هنا فإن الغربيين الذين يفخرون بلغاتهم ويزعمونها اللغات العالمية المسايرة لتطور العالم لا يزال فيهم من مثقفيهم وقادتهم وعلمائهم من يتخصص في دراسة اللغة العربية ويخصص وقته لها، وفي العصر الماضي اشتهر عدد كبير من هؤلاء مثل بروكلمان ومثل يوسف شخت وغيرهما من كبار المستشرقين الذين عنوا باللغة العربية ونشروا كثيرا من مخطوطاتها ودرسوها وحفظوا كثيرا من

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير