تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أشعار العرب، وصرح كثير منهم بأن هذه اللغة لا تعدلها أية لغة، وأذكر أننا في العام الماضي قابلنا أحد المشتشرقين الكبار في جامعة في استكتلاند في شمال بريطانيا فذكر أنه قد خلد شهادته بأن اللغة العربية لا تعدلها لغة ولا تساويها في السمو والارتقاء، ولا في الذوق ولا في الاتساع، وأنه كتب هذه الشهادة في جامعته وخلدها قبل ثلاثين سنة، وهذا كلام الأعداء، \"والحق ما شهدت به الأعداء\".

إننا في بحثنا في أهمية أي شيء ننظر فيه من ناحية الحكم الشرعي ثم من ناحية الفائدة والمصلحة للبشرية، فلنبدأ أولا بحكم الشرع في لغة العرب وتعلمها، فنقول إن الله سبحانه وتعالى قد فرض على كل من آمن به تعلم جزء من العربية، وبهذا تكون العربية فرض عين على كل إنسان بقدر ما يقيم به ألفاظ الفاتحة وبقدر ما يقيم به التكبير والتسميع والسلام في الصلاة فهذا القدر من العربية فرض عين على كل مسلم، ولا يسع مسلما جهله، وهذا القدر اختلف الناس في تحديده، لأن الله تعالى يقول في كتابه {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} والناس تتباين رؤاهم في تحديد هذا القدر الذي هو أقل ما يخاطب به الإنسان من تعلم العربية، فقال قوم: لا بد أن يصل إلى مستوى يفهم به ألفاظ الفاتحة وألفاظ التشهد وألفاظ الدعاء المأمور به على سبيل الوجوب، وكذلك ألفاظ الأذكار التي تجب مرة في العمر كالهيللة والاستغفار والتسبيح والتحميد وغير ذلك، فيجب عليه أن يتعلم معانيها بالعربية، وهذا القول هو الراجح، ومن القائلين به مالك والأوزاعي وسفيان الثوري وغيرهم من كبار علماء السلف، فرأوا أنه يجب على الإنسان المسلم أن يتعلم معاني هذه الكلمات لأنه لو قال: لا إله إلا الله دون أن يفقه معناها فيمكن أن تلقن هذه الكلمة لأي إنسان ولا يلزم بمقتضياتها، ولذلك فإن شهادة أن لا إله إلا الله كما ذكرنا من قبل لها أربع مقتضيات، من لم يحقق هذه المقتضيات الأربع ليس شاهدا أن لا إله إلا الله، فالمقتضى الأول، هو العلم بمعناها، العلم أن لا إله إلا الله، أن يعلم الإنسان ذلك في نفسه، والمقتضى الثاني هو مقتضى القول أن ينطق بذلك لأنها مشروطة على القادرين لا يدخل الإنسان الإيمان وهو قادر على النطق إلا إذا نطق بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، المقتضى الثالث أن يلتزم بحقوقها التي يقاتل عليها من تركها، «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإذا قالوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها» فهذه حقوق لا إله إلا الله، المقتضى الرابع هو الإلزام بها، أن يسعى الإنسان لنشر لا إله إلا الله وتوسيع دائرة القائلين بها وإلزام الناس بها، فهذه المقتضيات الأربع هي مقتضيات شهادة أن لا إله إلا الله، وقد توسع بعض المتأخرين من المتكلمين في هذا الباب فقد ذكر عليش في شرحه لـ\"أم البراهين\" في العقائد الأشعرية للسنوسي أن من لم يفهم ما تتناوله شهادة أن لا إله إلا الله من العقائد وهو خمس وستون عقيدة على مقتضى عد المتكلمين فإنه لم يؤد مقتضياتها، وهذا تشدد ومبالغة لا محالة، ولكنه يدلنا على أهمية فهم شهادة أن لا إله إلا الله، إذا كان بعض أهل العلم يرون أنك إذا لم تحقق مقتضياتها جميعا وهي خمس وستون عقيدة فمعنى ذلك أنك لم تفهمها فهذا يدلنا على أهمية تعلم اللغة التي تفهم بها معنى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ثم بعد ذلك إن الذي يدعو وهو لا يفهم ما يدعو به، أو يثني على الله وهو لا يفهم معنى ما يثني به لا يمكن أن ينال أجر ما يقول لأن الصلاة قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: «وإن الرجل ليصلي الصلاة وما كتب له نصفها ثلثها ربعها حتى انتهى إلى العشر» لأنه لا يكتب له منها إلا ما عقل ووعى، ومن هنا فإن على الإنسان أن يتفهم ويتدبر ما يقول، ولهذا قال الله تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} وقال تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} وهذا الخطاب ليس للعرب وحدهم، بل لجميع من آمن بهذا القرآن ونحن مع القول الأول المسهل الذي يقتضي أقل نسبة وهي ما يكون الإنسان به فاهما لمقتضى ما يقول من شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير